حركة جهيمان 5 جزء ب
لواء م/ طلال محمد ملائكة
تحدثت في مقال رَقَم 1 و2 و3 و4 عن تاريخ عمارة الإشراف بحارة القرارة بمكة المكرمة ومن سكن بها والتجار الذين كان لهم محالّ تجارية بها وفي مقال 4 بدأت أنتقل إلى الدور الريادي لهذه العمارة كمركز عمليات لإدارة أكبر كارثة في التاريخ الحديث وعلى مستوى العالم الإسلامي بالأخص وتدرجت في ذلك المقال إلى دور سكان مكة في التصدي لهذه الحركة وتضامنهم ومساندة للحكومة السُّعُودية وذكرت أن من ينكر ذلك الدور (حاقد عنصري بغيض… كما ذكرت أنه مضى 47 عاما على تلك الحادثة المأساوية وأنه للأسف 70٪ من السعوديين لا يدركون كمْ كانت تلك الحركة خطيرة… إلخ).
• وسأسلط في هذا المقال ومايليه من أجزاء أخرى لأحداث معينة لم يُتطرق إليها إلا في النادر وأتمنى أن يطلع عليها الجيل الحالي ومن يحب الثقافة وأتمنى أن تخرج دراسات وبحوث علمية في شأن هذه الحركة وفكرها ولا سيما أن معظم شبابنا وبناتنا بل بعض كبار السن وبعض المسئولين ليس لديهم خلفية ثقافية فيما حدث في وطنهم قبل نصف قرن وليت تدرس جزئيات في ذلك للطلبة الجامعيين في مادة الثقافة الإسلامية أو الثقافة العامة وتاريخ المملكة العربية السُّعُودية، فنظريتي هي (أن الأمم التي تنسى أزماتها لا تسلم من الأزمات المبيتة لها في القادم من الوقت).
ثم أن للأسف معظم الشعب أصبحت ثقافاتهم خارج صندوق الأمن الذاتي والأمن الوطني والأمن القومي لبلاد الحرمين الشريفين قبلة الإسلام والمسلمين ونظريتي الأخرى في النشر في ذلك هو (أن الشعب المثقف هو الخط الأول للدفاع عن الوطن).
• المتخصصين في الإرهاب العالمي يعلمون أن حركة جهيمان شكلت بداية لظهور تنظيمات إسلامية في العالم طابعها التشدد والتطرف وتحول بعضها لحمل السلاح والقيام بعمليات إرهابية على مستوى العالم مما شكل اضطرابات مختلفة عالميًا وهنا لا أخص فقط التنظيمات السنية ولكن أيضا التنظيمات الشيعية فكلا التيارين المتطرفين استغلا الإسلام السياسي المتطرف في ذلك.
• من هو جهيمان العتيبي: هو شخصية مأساوية بارزة في التاريخ السعودي الحديث وفيما يلي ملخص عن حياته:جهيمان محمد الصقري الحافي العتيبي ولد في مدينة ساجر في المملكة العربية السُّعُودية عام 1936. نشأ جهيمان العتيبي في ساجر وهي أحد الهجر البدوية التي أنشأها المؤسس الملك عبد العزيز بن سعود رحمة الله عليه، وقد تسمى سكانها بالإخوان أو (إخوان من أطاع الله) وشكلوا قوة عسكرية مع الملك عبد العزيز في الثلث الأول من القرن العشرين وحاربو مع الملك عبد العزيز بقيادة رجل يدعى سلطان بن بجاد العتيبي ولقب آنذاك ب(سلطان الدين) إلى أن اختلفوا بسبب منهج التحديث الذي كان يتبعه المؤسس الملك عبد العزيز ورغبة (إخوان من طاع الله) وكانوا بالآلاف باستمرار “الجهاد” والغزو باتجاه مناطق في الكويت والعراق والواقع أنذاك تحت الانتداب البريطاني، وقد رفض الملك المؤسس ذلك وتم محاولة التفاوض معهم إلا انهم رفضوا ذلك (بن بجاد و الدويش) فتواجهوا في معركة معركة “السبلة” وهي معركة حدثت في 30 مارس 1929 بقيادة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وبين قوات الإخوان بقيادة فيصل الدويش المطيري وسلطان بن بجاد العتيبي في روضة السبلة ما بين الأرطاوية والزلفي انتهت بانتصار قوات الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وتعتبر آخر المعارك الرئيسة التي خاضها الملك عبد العزيز في سبيل تأسيس المملكة العربية السعودية وألقي القبض علي بن بجاد العتيبي (الملك فيصل طارده حين فر وقبض عليه) وسجن بن بجاد حتى وفاته وعفا الملك عبد العزيز عن فيصل بن دويش المطيري حين شاهد أصابته الشديدة.
• أوردت بعض المصادرين نشأة جهيمان في ساجر أورثت ضغينة للنظام الحاكم حيث كان والد جهيمان صديقا مقربا من سلطان بن بجاد، ونصحه بعدم الاستسلام للملك عبد العزيز؛ فكان جهيمان من بدايات حياته بداخله بزرة الثأر (العرب معروفين بذلك من قدم الزمن ولازال البعض متأثرين به في عالمنا العربي ) وكان جهيمان بداخله ثورة التمرد والخروج على ولي الأمر (وفي مراحل من تقدم عمر جهيمان تمت تنمية ذلك من خلال بعض دروس الاخونجية وجناح القطبين المسرورية من جزئية عقيدة “جواز الخروج على الحاكم” وكان جهيمان لا يدين بالولاء للنظام الحاكم ولا يرى حرجا بالتمرد عليه.
• لم يكمل جهيمان تعليمه الابتدائي، حيث درس حتى الصف الرابع فقط و بعد ذلك انضم إلى الحرس الوطني السعودي وعمل فيه لمدة 18 عاما قبل أن يتقاعد.
يتبع