الهيمنة الأمريكية العالمية
الباحث الأمني لواء م/ طلال محمد ملائكة
– بعد الحرب العالمية الثانية ومساهمة أمريكا بشكل رئيس في انتصار الحلفاء على قوة المحور بدأت تظهر رؤية جديدة لأمريكا حيال نظرتها على العالم (يذكر في هذا السياق أن ثقافة الهيمنة التي تبناها الآباء الأوائل المؤسسين لأمريكا قبل ثلاثمائة سنة تقريبا حينما هاجروا من أصقاع أوروبا للأرض البكر أمريكا “الموطن الأصلي لتواجد الجنس الهندي الأحمر. والذي شبه أبيد إلخ” موجودة في العقيدة الدينية للآباء الأوائل للأمريكان- وهي نفسها- نظرية “القدر المحتوم… حيث في قمة الجبل المسيح” وقد جلبوا هذه العقيدة الآباء المؤسسين لأمريكا وهم “المتزمتين” الهاربون بدياناتهم “البروتستانية” معهم وقد انتقلت تلك العقيدة من الإطار الديني إلى الإطار الثقافي السياسي ولا سيما بعد انتصار أمريكا مع الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية 1945).
– وقد شاهد كاتب هذه السطور تلك على أرض الواقع عندما كان مبتعث للدراسة في منتصف ال70 حينما كان يسمع جمل مختلفة في سياق تمجيد عظمة أمريكا على العالم مثل “نحن العالم we are The World… أمريكا العظيمة The Great American… إلخ” ولكنني كشاب لم أدرك البعد الفلسفي الأيديلوجي وما يحدثه ذلك من تأثير عقلي وفكري على الشعب وعلي من يقيم بها ولا سيما حينما تتردد تلك الشعارات في مختلف المناسبات ويشاهدوا إعلاناتها ولوحاتها في الطرق وفي مختلف وسائل الإعلام.
– وفي هذا السياق وفي ظل ما كنا نشاهده فإن أمريكا وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 وانتصار الحلفاء على قوة المحور بدأت أمريكا والاتحاد السوفيتي يفرضان نفسيهما كقوى عظمى ومنذ ذلك الوقت تنافست القوتين على محاولة التسيد والهيمنة على العالم وانقسم العالم إلى معسكرين، معسكر شيوعي ومعسكرأمريكي وبدأت في تلك الحقبة الزمنية من (50-90) وما سمي بالحرب الباردة بينهما وكانت تلك الحرب الباردة على مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية والرياضية والأيديلوجية والاستخباراتية والعسكرية والتجسسية حتى أنها اقتربت إلى شبه نشوب حرب نووية بينهما وما حدث في كوبا في عهد “خروتشوف” الرئيس السوفيتي السابق في عام 1962 من نصب روسيا لصواريخها النووية من وعلى جنوب فلوريدا وعلي بعد كيلومترات من أمريكا… وما حدث آنذاك هو دليل على قمة التصعيد بينهما وانتهت تلك الأزمة بينهما بسلام للعالم… * أن ما يحدث اليوم في أوكرانيا صورة متكررة لما حدث في كوبا ولكن بشكل سيناريو آخر.
– لكن وفي بداية 90 الميلادي استطاع الأمريكان الهيمنة والتفرد على العالم وحدث ذلك في عهد الرئيس الأمريكي “ريغان” وفرض الأمريكان نفوذهم الأحادي على العالم “… حدث ذلك في عصر” ميخائيل غورباتشوف “والذي كان يؤمن بإعادة البناء أو البريسترويكا لروسيا وقد ساهم غروباشتوف بفكره ذلك في إنهاء الحرب الباردة بينهما…”- من وجهة نظري- أن الاستخبارات الأمريكية نجحت في تفكك الاتحاد السوفيتي آنذاك وما سبقه من ربيع سوفيتي في الجمهوريات السوفيتية من مظاهرات ضد هيمنة الحكومة المركزية في موسكو “… وحدث ما حدث وتوارى الاتحاد السوفيتي في صفحات التاريخ ولا سيما بعد توقيع رئيس روسيا” بوريس يلتسين عام 1991 على اتفاقية حل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية وتفكك الاتحاد السوفيتي ولكن جمهورية روسيا حافظت على بعض الروابط الاثنية لجمهورياتها السابقة.
وبدأت أمريكا تسيطر نفوذيا على قيادة العالم سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا وفلسفيا وأصبحت (زعيمة العالم) من 1990. حتى عام 2000 حينما أتى رجل الاستخبارات الروسية ويدعى “بوتين” وتولى مقاليد الحكم وبداء بإعادة روسيا كقوة عالمية عظمى وما نشاهده يوما أولا أمس في ساحة حرب أوكرانيا باستخدام روسيا للصاروخ الفرط الصوتي “اوريشينك” وعودة صورة ذاكرة صواريخ كوبا سواء مشهد تراجيدي عالمي لما كان سوف يحدث بينهما قبل 62 سنة “يوم القيامة The Dooms Day”.
حفظ الله بلاد الحرمين الشريفين قيادة وشعبا والعالم من شرور الإنسان وأطماعه اللا محدودة.
* ملحوظة شكرا للدكتور منصور المرزوقي… للأمانة العلمية على القول بأنني اقتبست من أفكاره وحديثه مع المديفر… وكم أنا فخور بوجود استشاريين متخصصين في الدراسات الأمريكية في وطن.