الرئيسيةمقالات

أزمة وعي

Listen to this article

محمد محمود الشيباني

نعيش اليوم واقعا مؤلما يتمثل في أزمة وعي حقيقية، تجاوزت حدود استيراد الغذاء والدواء من الغرب، لتصل إلى استيراد الأفكار والسلوكيات بشكل أعمى ولم يعد الانفتاح عند البعض يرتبط بالعلم أو التطور، بل صار مظهراً سطحياً فارغاً من أي مضمون أخلاقي.

بعض الشباب يعتبر نفسه متحضراً إذا قلد موضة جديدة في الغرب، وصارت الفتاة ترى التحرر في التخلي عن الحجاب والحياء. أما المثقف، فصار يُقاس بثقافته الأجنبية ولغته الممزوجة بكلمات إنجليزية أو فرنسية قد لا يفهمها الجميع، وكأن العلم لا يُفهم إلا بتلك اللغات.

أرى أن المشكلة الأساسية ليست في الانفتاح على الآخر، بل في غياب الوعي فالانفتاح الحقيقي يعني الانتقاء الجيد لكل ما يفيد مجتمعنا ويساهم في تطويرنا ولكن يحافظ على هويتنا في نفس الوقت لأن الذوبان في ثقافة الآخر يفقدنا ذاتنا.

من المفارقات أن تجد الكثير من وسائل الإعلام وحتى مواقع التواصل الإجتماعي، تعمل كأدوات متفانية، بشكل مباشر أو غير مباشر، في فرض أفكار جديدة تحاول إقناع مجتمعاتنا بأن الأصالة والعادات تخلف بل وترى أن التمسك بالدين نوع من الرجعية.

إن التقدم الحقيقي لا يعني التشبه بالآخرين، بل يعني بناء نموذجنا الخاص، المستفيد من تجارب الآخرين، دون أن يفرّط في جذوره وقيمه. فالتحدي الأكبر اليوم هو أن تكون منفتحاً على العالم، وفي ذات الوقت، متمسكاً بهويتك، معتزاً بلغتك، وفخوراً بدينك.

محمد محمود الشيباني

عضو هيئة التحرير _ مدير مكتب المغرب العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى