في إنجازٍ طبي يُعد الأول من نوعه في المملكة، أعلنت مدينة الملك عبدالله الطبية بالعاصمة المقدسة – عضو تجمع مكة المكرمة الصحي – نجاحها في تطبيق العلاج الإشعاعي بتقنية الإلكترونات داخل العملية الجراحية (Intraoperative Electron Radiotherapy – IOERT) لعلاج ورم دماغي متكرر من النوع عالي الدرجة، في خطوة تُعد تحولًا مهمًّا في منظومة الرعاية الصحية المتقدمة بالمملكة.
وأوضحت المدينة الطبية أن المريض، البالغ من العمر 66 عامًا، كان يعاني من انخفاض في مستوى الوعي وشلل نصفي أيسر، وبعد إجراء الفحوصات الدقيقة والتصوير الإشعاعي، تبيّن وجود ورم دماغي متكرر من نوع (High-Grade Glioma)، ما استدعى تدخلاً جراحيًّا عاجلًا لاستئصال الورم. وخلال العملية، تم تطبيق العلاج الإشعاعي بتقنية الإلكترونات مباشرة داخل غرفة العمليات، لاستهداف الخلايا المتبقية بدقة عالية، وتقليل احتمالية عودة الورم.
وأشارت المدينة إلى أن الإجراء نُفذ بإشراف فريق طبي متكامل ضم جراحي المخ والأعصاب وأطباء الأورام الإشعاعية، إلى جانب خبراء الفيزياء الطبية وفريق التخدير والتمريض المتخصص. وقد أظهر المريض تحسنًا ملحوظًا بعد العملية، إذ استعاد وعيه تدريجيًّا وحركته الطبيعية، وغادر المستشفى بعد أسبوع واحد دون أي مضاعفات تُذكر.
مما يجب ذكره تُعد تقنية العلاج الإشعاعي بالإلكترونات داخل العملية (IOERT) من أحدث تقنيات علاج الأورام في العالم، إذ يتم خلالها توجيه جرعة إشعاعية عالية الطاقة مباشرة إلى موقع الورم بعد استئصاله جراحيًا، مما يُسهم في القضاء على الخلايا السرطانية المتبقية مع تقليل الضرر على الأنسجة السليمة المحيطة.
ويعود ابتكار هذا النوع من العلاج إلى سبعينيات القرن العشرين، حيث تم تطويره لأول مرة في الولايات المتحدة واليابان، قبل أن ينتشر تدريجيًا في مراكز أورام متقدمة بأوروبا وأمريكا. وتُعد إسبانيا والولايات المتحدة وألمانيا من أبرز الدول التي واصلت تطوير التقنية وتطبيقها على أنواع متعددة من السرطانات، خصوصًا أورام الثدي، والقولون، والدماغ.
اما في السعودية واستخدام هذا النوع من العلاج فذلك يعود الى ما شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة من قفزة نوعية في مجال العلاج الإشعاعي بفضل دعم القيادة للقطاع الصحي، وتبني وزارة الصحة وهيئة التخصصات الصحية ومراكز الأبحاث الوطنية لتقنيات العلاج المتقدمة.
وتُعد تجربة مدينة الملك عبدالله الطبية في استخدام تقنية IOERT إنجازًا رياديًا يعزز مكانة المملكة في تطبيق أحدث بروتوكولات علاج السرطان في العالم.
ولعله من المناسب ان نتناول فعالية العلاج حيث تُظهر الدراسات العالمية أن العلاج الإشعاعي داخل العملية (IOERT) يُسهم في خفض نسب تكرار الأورام وتحسين معدلات الشفاء في حالات محددة من السرطان، خصوصًا عندما يُدمج مع الجراحة والعلاج الكيميائي. ولا يزال الباحثون يعملون على توسيع نطاق استخدام التقنية وتقييم نتائجها على المدى الطويل في أنواع متعددة من الأورام، بما فيها أورام الدماغ عالية الخطورة.
