الرئيسيةتربية و تعليم

جاهزية المدارس السعودية

Listen to this article

أحوال – عبد الله صالح الكناني

استعدادات مدارس التعليم العام لانطلاقة العام الدراسي الجديد 1447 – 1448هـ في مختلف مناطق المملكة

مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد 1447 – 1448هـ، تستعد مدارس التعليم العام في جميع مناطق المملكة لاستقبال الطلاب والطالبات في أجواء من الحماسة والتفاؤل، وسط جهود كبيرة لتهيئة منظومة التعليم عبر إداراتها التعليمية، ضمن خطط تشغيل وصيانة شاملة وتوفير التجهيزات اللازمة، بما يضمن بيئة تعليمية محفزة وآمنة، تعزز القيم الوطنية والإنسانية وترسخ الانضباط والاجتهاد في نفوس الطلاب، لتكون هذه السنة خطوة مهمة في بناء جيل واعد يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

حرصت وزارة التعليم على جاهزية المدارس للانطلاقة الناجحة في مختلف المناطق، حيث نفذت عددًا من المشاريع والمبادرات التي شملت 75 مشروعًا إنشائيًا جديدًا بقيمة إجمالية بلغت 920 مليون ريال، تستهدف التوسع في البنية التحتية وتحقيق بيئات تعليمية متطورة. كما شملت أعمال الصيانة الشاملة لأكثر من 15 ألف مبنى مدرسي وأكثر من 884 ألف وحدة تكييف بقيمة تجاوزت 2 مليار ريال، تضمنت صيانة عامة ونظافة، وإحلال وتجديد أجهزة التكييف، وتجهيزات مدرسية، وترميم وتأهيل أكثر من 1400 مبنى تعليمي بقيمة 782 مليون ريال، بهدف رفع كفاءة المرافق وتحسين جودة البيئة التعليمية.

وتأتي هذه الاستعدادات في إطار خطط الوزارة لتعزيز جودة التعليم وتطبيق أحدث الممارسات التربوية التي تسهم في تحسين نواتج التعلم ورفع كفاءة الأداء التعليمي والتشغيلي. حيث أكملت إدارات التعليم في المناطق والمحافظات تجهيز المدارس من أعمال الصيانة والنظافة، وتوفير الكتب الدراسية في وقت قياسي، وتوجيه الكوادر التعليمية إلى مدارسهم، بالإضافة إلى استكمال البرامج التدريبية للكوادر التعليمية والإدارية، وتفعيل المبادرات التقنية والتعليمية التي تواكب التحول الرقمي في منظومة التعليم.

وتعكس هذه الجهود حرص الوزارة على انطلاقة جادة ومنضبطة للعام الدراسي في بيئة تعليمية آمنة ومحفزة تعزز كفاءة الأداء وتدعم نواتج التعلم، متماشية مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء جيل طموح ومنافس عالميًا.

وفي التفاصيل، تستقبل منطقة الرياض أكثر من مليوني و840 ألف طالب وطالبة موزعين على 6,873 مدرسة، مع توفير بيئات تعليمية مناسبة تضمن جودة التعليم. كما تستعد منطقة الشرقية لاستقبال أكثر من 700 ألف طالب وطالبة، فيما يباشر تعليم القصيم نحو 320 ألف طالب وطالبة موزعين على 2,103 مدارس للبنين والبنات بمختلف المراحل، ويشرف عليهم حوالي 35 ألف معلم ومعلمة.

وعززت الإدارة العامة للتعليم بمنطقة عسير جاهزيتها بتهيئة 3,430 مدرسة لاستقبال 525,595 طالبًا وطالبة، يباشر تدريسهم 46,398 معلمًا ومعلمة. كما أكملت تعليم تبوك تجهيز 1,209 مدارس تحتضن 211,372 طالبًا وطالبة، يباشرهم 15,695 معلمًا ومعلمة، فيما تستقبل تعليم الحدود الشمالية 426 مدرسة للبنين والبنات تضم أكثر من 100,500 طالب وطالبة. وينتظم في تعليم حائل أكثر من 180 ألف طالب وطالبة في أكثر من 1,300 مدرسة، ويشرف عليهم أكثر من 18 ألف معلم ومعلمة.

وهيأت الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الجوف 937 مدرسة لاستقبال 168,494 طالبًا وطالبة، يدعمهم 13,465 معلمًا ومعلمة، مع تنفيذ حزمة متكاملة من الخطط التشغيلية والتربوية لضمان انطلاقة دراسية منظمة وفعالة. وأنهى تعليم منطقة جازان تجهيز وصيانة 2,556 مدرسة يعمل بها 31,878 معلمًا ومعلمة، لتدريس ما يقارب 351,535 طالبًا وطالبة، بمساندة 689 مشرفًا و9,954 إداريًا وإدارية.

وفي منطقة نجران، تستقبل 980 مدرسة 183,302 طالب وطالبة يشرف عليهم 10,315 معلمًا ومعلمة، بعد إكمال التجهيزات المدرسية وتوزيع الكتب والتدريب الصيفي للكوادر التعليمية. كما استفاد 52,631 طالبًا وطالبة من خدمة النقل المدرسي. بينما أنهت الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الباحة استعداداتها لبدء العام الدراسي في أكثر من 760 مدرسة تستقبل ما يزيد على 80 ألف طالب وطالبة، مع أكثر من 11 ألف معلم ومعلمة، ويعمل فيها أكثر من 370 مشرفًا ومشرفة تربوية.


مراحل تطور التعليم في المملكة العربية السعودية

1. الجذور التاريخية والتعليم التقليدي

  • بدأ التعليم في الجزيرة العربية منذ ظهور الإسلام، حيث كانت “الكتاتيب” المرتبطة بالمسجد، تهدف إلى تعليم القرآن والقراءة والكتابة.

  • من أشهر هذه المدارس التي لا تزال قائمة حتى اليوم: “مدرسة الصولتية” في مكة المكرمة، التي تأسست عام 1873.

2. البداية النظامية (1926 – 1950)

  • عام 1926م (1344هـ)، تأسيس مديرية المعارف، والتي مثلت بداية التعليم النظامي الرسمي بالمملكة .

  • توسعت هذه المديرية لتشمل 323 مدرسة خلال وقت قصير، إضافة إلى تأسيس أول مجلس للمعارف عام 1928 لتطوير النظام التعليمي .

  • مما ساهم في وضع القواعد الأولى لتوحيد المناهج وتدريب المعلمين وتفعيل الرقابة التعليمية.

3. العصر الجامعي الأول (1950 – 1970)

  • تأسيس أول كلية شرعية في مكة عام 1949، ثم أول جامعة سعودية “جامعة الملك سعود” عام 1957.

  • تأسيس جامعة الملك عبدالعزيز في جدة ككلية خاصة عام 1967، ثم تحولها إلى جامعة حكومية عام 1974.

  • افتتاح أول مدرسة نظامية رسمية للبنات عام 1964، وتطوير التعليم النسائي سريعا.

4. توسع جامعي وتعليم نسائي (1970 – 2000)

  • عام 1970: إنشاء أول كلية تعليم للبنات، والتي تطورت لاحقًا إلى جامعة الأميرة نورة عام 2008، لتصبح أكبر جامعة نسائية في العالم.

  • شهدت هذه الفترة توسعًا في التعليم العالي وافتتاح العديد من الجامعات والكليات الفنية والعلمية.

5. التحول نحو التعليم الحديث (2000 – اليوم)

  • تحديث المناهج التعليمية، مع إدخال موضوعات مثل التكنولوجيا وريادة الأعمال ضمن التدريس المعاصر.

  • دخول المملكة عصر التحول الرقمي والتقني بفعالية، خاصة بعد جائحة COVID-19، من خلال إدخال الكتب الإلكترونية والفصول الذكية.

  • إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) عام 2009، كأول جامعة مختلطة (ذكور وإناث) تركز على الأبحاث المتقدمة، وتدرّس باللغة الإنجليزية.

  • كذلك تعزيز التوجه نحو التعليم التقني والمهني (TVET)، ضمن الرؤية الطموحة للتعليم وسوق العمل

التحول من التعليم التقليدي إلى بناء مستقبل واعد

لم تعد البيئة التعليمية المحفزة في السعودية تقتصر على الفصول الدراسية ذات الجدران الأربعة والسبورة التقليدية. اليوم، تشهد المملكة تحولاً جذريًا نحو بناء نظام تعليمي يعد الطالب والطالبة لمواجهة تحديات المستقبل واغتنام فرصه، مع الحفاظ على القيم الإسلامية والهوية الوطنية.

أركان البيئة التعليمية المحفزة نحو المستقبل في السعودية:

1. البنية التحتية والتقنية الحديثة (المكان الذكي)

  • الفصول الذكية والمتعددة: تحويل الفصول إلى مساحات مرنة قابلة لإعادة التكوين، مجهزة بشاشات تفاعلية، وأجهزة عرض متطورة، وأثاث مريح يشجع على التعلم التعاوني.

  • التقنيات الغامرة: استخدام تقنيات مثل الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) لتجربة تعليمية تفاعلية، مثل زيارة مواقع تاريخية أو استكشاف جسم الإنسان بشكل ثلاثي الأبعاد.

  • الروبوتات والذكاء الاصطناعي: إدخال أساسيات البرمجة والروبوتات في المناهج، واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتقديم تعلم مخصص يناسب قدرات كل طالب.

  • البيئات الافتراضية: توفر منصات مثل “مدرستي” فصولاً افتراضية كاملة، مما يضمن استمرارية التعليم في أي وقت ومكان.

2. المناهج والتقويم (المحتوى الذكي)

  • مهارات المستقبل: التركيز على تعليم مهارات القرن الحادي والعشرين مثل: التفكير النقدي، الإبداع، التعاون، التواصل، والمرونة.

  • التحول من الحفظ إلى الفهم: تصميم مناهج تشجع على البحث والاستكشاف وحل المشكلات بدلاً من التلقين والحفظ.

  • التعلم القائم على المشاريع (PBL): حيث يعمل الطلاب على مشاريع واقعية تربط بين المواد الدراسية وت挑战يهم لتطبيق معارفهم.

  • التقويم المستمر والمتنوع: الانتقال من الاعتماد الكلي على الامتحانات إلى تقويم أداء الطالب عبر مشاريعه، مشاركته، وعرضه للمعارف.

3. المعلم والمتعلم (الإنسان المحوري)

  • دور المعلم “المرشد والموجه”: تحول دور المعلم من مصدر وحيد للمعلومة إلى مرشد ومنظم للعملية التعليمية ومحفز للتفكير.

  • تمكين المعلمين: توفير برامج تطوير مهني مستمرة للمعلمين لتمكينهم من استخدام التقنيات الحديثة وأساليب التدريس المبتكرة.

  • الطالب “المبادر”: يصبح الطالب محور العملية التعليمية، مشاركًا نشطًا في بناء معرفته، مع التركيز على اكتشاف مواهبه وصقلها.

  • التعلم الشخصي: تصميم مسارات تعليمية تراعي الفروق الفردية والاهتمامات المتنوعة للطلاب.

4. الثقافة والبيئة المحفزة (القيم والدعم)

  • ثقافة الإبداع والمخاطرة المحسوبة: تشجيع الطلاب على الابتكار وعدم الخوف من الفشل، بل اعتباره خطوة على طريق التعلم.

  • التنمية الشاملة: الاهتمام بالصحة النفسية والبدنية للطالب عبر برامج الإرشاد الطلابي والأنشطة اللاصفية الرياضية والفنية.

  • المدارس كمراكز مجتمعية: فتح المدارس بعد الدوام لتصبح مراكز للتعلم مدى الحياة للطلاب وأفراد المجتمع.

  • الشراكة مع الأسرة: تعزيز دور أولياء الأمور كشركاء فاعلين في العملية التعليمية من خلال منصات التواصل المباشر.

5. التوجه الاستراتيجي والشراكات (رؤية 2030)

  • رؤية 2030 كخارطة طريق: تضع الرؤية التعليم في صدارة أولوياتها، وتهدف إلى تطوير المنظومة التعليمية لتصبح منافسة عالميًا.

  • مشاريع نوعية: مثل “مشروع تطوير التعليم” و”برنامج تنمية القدرات البشرية” الذي يركز على إعداد المواطن للمنافسة عالميًا.

  • الشراكات العالمية: التعاون مع أبرز الجامعات والمؤسسات التعليمية العالمية لتبادل الخبرات وإنشاء فروع لها في السعودية.

  • استقطاب الكفاءات: جذب أفضل الكوادر التعليمية العالمية والمحلية لتقديم تجربة تعليمية متميزة.


أمثلة واقعية على الأرض (إنجازات ملموسة):

  • منصة “مدرستي”: أصبحت نموذجًا عالميًا ناجحًا للتعليم عن بُعد خلال جائحة كوفيد-19 وما بعدها.

  • جامعات المستقبل: إنشاء جامعات جديدة تتبنى نموذجًا مختلفًا مثل جامعة “الملك عبدالله للعلوم والتقنية” (KAUST) و”جامعة نيوم”.

  • مسارات الثانوية العامة: إعادة هيكلة المرحلة الثانوية لتشمل مسارات (طبيعي، إداري، إنساني، شرعي، علوم الحاسب والهندسة) لتتوافق مع احتياجات سوق العمل.

  • أندية STEM: انتشار الأندية العلمية التي تشجع على الابتكار في مجالات (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الرياضيات).

  • بطولة FIRST للروبوتات: مشاركة آلاف الطلاب والطالبات سنويًا في منافسات محلية وعالمية لتصميم وبرمجة الروبوتات.


التحديات والفرص المستقبلية:

  • التحديات:

    • تكييف بعض الكوادر التعليمية مع النمط الجديد.

    • ضمان عدالة وصول جميع المناطق للتكنولوجيا المتطورة.

    • قياس أثر التحول على مخرجات التعليم بشكل دقيق.

  • الفرص:

    • الاستفادة من البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتطوير تجربة تعليمية فائقة التخصيص.

    • ريادة المنطقة والعالم في نماذج تعليمية جديدة.

    • إعداد جيل من المخترعين ورجال الأعمال والقادة الذين سيحققون أهداف رؤية 2030.

مايمكن أن نجمل به ماقدمنا عن التعليم في السعودية وما وصل إليه القول:

البيئة التعليمية السعودية المحفزة نحو المستقبل لم تعد حلمًا، بل هي واقع قيد البناء. إنها بيئة تكنولوجية، مرنة، متمركزة حول الطالب، وتعمل على بناء العقل والروح معًا. هذا التحول الطموح يضع المملكة على خريطة التعليم العالمية المستقبلية ويهيئ أبناءها وبناتها ليكونوا صناع تغيير وإبداع في وطنهم والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى