
أحوال – عبد الله صالح الكناني
339 مبتعثًا سعوديًا يدرسون الأمن السيبراني في جامعات أمريكية ضمن مسار الاستثمار في رأس المال البشري الرقمي
المملكة تواصل ريادتها في مؤشرات الأمن السيبراني العالمية بفضل بناء القدرات الوطنية النوعية
أعلنت الملحقية الثقافية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية أن عدد المبتعثين السعوديين المتخصصين في الأمن السيبراني خلال العام الأكاديمي الحالي 2025 بلغ (339) مبتعثًا موزعين على أكثر من (85) جامعة أمريكية، بواقع (231) لدرجة البكالوريوس، و(81) لدرجة الماجستير، و(27) لدرجة الدكتوراه، ضمن مسارات أكاديمية وتطبيقية تخدم أولويات الاقتصاد الرقمي الوطني وتعزز منظومة الأمن السيبراني السعودي.
وأكدت الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة وكندا ودول أمريكا الجنوبية الدكتورة تهاني بنت عبدالعزيز البيز، أن ابتعاث الكفاءات الوطنية في تخصص الأمن السيبراني يُعد استثمارًا استراتيجيًا في رأس المال البشري، وهو جزء أساسي من مستهدفات رؤية المملكة 2030 وضمن برامجها الرئيسة مثل برنامج تنمية القدرات البشرية، لإعداد جيل وطني متخصص قادر على قيادة منظومة الحماية الرقمية في مختلف القطاعات.
وأوضحت الدكتورة البيز أن البرامج الأكاديمية والبحثية التي يلتحق بها المبتعثون تُبنى على شراكات علمية متقدمة مع جامعات ومراكز تميز أمريكية متخصصة، ويجري متابعة تقدمهم الأكاديمي والتطبيقي بانتظام، لضمان اكتسابهم أحدث المهارات والمعارف التقنية ونقلها إلى الجهات الوطنية بعد عودتهم، بما يعزز الجاهزية الرقمية للمملكة ويُسهم في حماية البنية التحتية الوطنية من المخاطر السيبرانية.
وأضافت أن اهتمام المملكة بهذا المجال يأتي في ظل الإنجازات العالمية التي حققتها، إذ حافظت المملكة على المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني ضمن تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2025 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) في سويسرا، كما صُنفت أنموذجًا رائدًا (Role Model) في المؤشر العالمي للأمن السيبراني لعام 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، ما يعكس تكامل البعدين الأمني والتنموي في القطاع، وتنامي القدرات البشرية الوطنية الداعمة له.
جدير بالذكر أن الأمن السيبراني: علم نشأ من رحم الثورة الرقمية إذ يُعد الأمن السيبراني (Cybersecurity) أحد أهم فروع علوم التقنية الحديثة، وهو المعني بحماية الأنظمة الرقمية وشبكات المعلومات من الاختراق أو السرقة أو التخريب، سواء كانت تلك الأنظمة تخص الحكومات أو البنوك أو المؤسسات أو الأفراد.
وقد بدأ الاهتمام الفعلي بالأمن السيبراني في السبعينيات الميلادية، عندما ظهرت أولى شبكات الحاسوب في الولايات المتحدة مثل شبكة ARPANET التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية. ومع ازدياد عمليات تبادل البيانات إلكترونيًا، ظهرت الحاجة إلى حماية هذه الأنظمة من الاختراقات التي كانت تُعرف حينها باسم “الولوج غير المصرح به”.
أما مصطلح Cybersecurity فقد ترسّخ أكاديميًا في التسعينيات، بعد انتشار الإنترنت وظهور الجرائم الإلكترونية المنظمة.. وفي عام 2004 أطلقت الولايات المتحدة أول إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني، تبعتها دول الاتحاد الأوروبي واليابان، ثم أصبحت جزءًا من منظومة الأمن الوطني للدول المتقدمة.
أما في المملكة العربية السعودية، فقد بدأ الاهتمام المؤسسي بالأمن السيبراني مبكرًا مع إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عام 2017 بقرار من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – لتكون الجهة العليا المنظمة والحامية للبنية الرقمية الوطنية. ومنذ ذلك الوقت، أخذ الأمن السيبراني مسارًا تصاعديًا حتى أصبح أحد مرتكزات القوة الوطنية الرقمية وأداة لحماية الاقتصاد، والبنى التحتية، والبيانات السيادية.
ويُعنى الأمن السيبراني بحماية عناصر ثلاثة تُعرف بـ ثالوث الأمن المعلوماتي (CIA Triad) وهي:
- السرية (Confidentiality): منع الوصول غير المصرح به إلى المعلومات.
- السلامة (Integrity): ضمان عدم تعديل البيانات أو تلفها أثناء المعالجة أو النقل.
- التوافر (Availability): التأكد من أن الأنظمة والمعلومات متاحة للمستخدمين المصرح لهم في كل وقت.
ومن خلال هذه الأهداف، يساهم الأمن السيبراني في منع الجرائم الإلكترونية، والتجسس الصناعي، والهجمات التخريبية التي تستهدف المؤسسات الحيوية مثل الطاقة، والمياه، والاتصالات، والخدمات المالية.
وقد أثبت هذا العلم خلال العقدين الماضيين أنه عنصر أساسي في تحقيق الأمن الوطني الشامل، إذ تعتمد عليه الدول في حماية أمنها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، خصوصًا مع توسّع الاعتماد على الإنترنت وإنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي.
وإذا رجعنا إلى الابتعاث في تخصص الأمن السيبراني.. نجد أن مبادرة ابتعاث الطلبة السعوديين في تخصص الأمن السيبراني ضمن جهود المملكة لتوطين الخبرة التقنية، وتمكين جيل جديد من المهندسين والخبراء القادرين على ابتكار حلول وطنية متقدمة في مجالات الدفاع السيبراني، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي الأمني.
ويعمل المبتعثون حاليًا في جامعات أمريكية مرموقة مثل MIT، وStanford، وCarnegie Mellon، وUniversity of California–Berkeley، حيث يدرسون مسارات تشمل:
- تحليل الهجمات الرقمية والتصدي لها.
- تصميم نظم التشفير والحماية المتقدمة.
- تطوير أنظمة أمنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
- إدارة المخاطر الأمنية وحوكمة البيانات.
وعقب عودتهم بإذن، من المتوقع أن يسهموا في دعم مشاريع وطنية كبرى مثل الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، ومركز الإبلاغ عن الحوادث السيبرانية (CERT-SA)، والبرنامج الوطني للتوعية بالأمن السيبراني (سواعد سايبر)، وغيرها من المبادرات التي جعلت المملكة في مصاف الدول الرائدة عالميًا في الحماية الرقمية.
إذ تعتبر الجاهزية السيبرانية من أهم مكونات الاقتصاد الرقمي الوطني، إذ ترتبط مباشرة بحماية البيانات الحكومية والمالية والطبية والتعليمية، وتضمن استمرارية الخدمات الحيوية في القطاعات المختلفة.
ويؤكد خبراء التقنية أن استثمار المملكة في بناء القدرات البشرية في هذا التخصص لا يقتصر على البعد الأمني فحسب، بل يمتد إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال التقنية، وخلق وظائف نوعية عالية الدخل، وجذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات التقنية والحوسبة السحابية والأمن الرقمي.
بهذه الخطوات المدروسة نحو تأهيل كفاءات وطنية متخصصة في الأمن السيبراني، تواصل المملكة بناء منظومة رقمية متكاملة تحمي مكتسباتها التنموية، وتُرسّخ مكانتها كدولة آمنة رقمياً وقادرة على قيادة التحول العالمي نحو مستقبل آمن ومستدام في الفضاء السيبراني.
ولعله من المناسب أن نقدم للمتابع لصحيفة أحوال الإلكترونية أبرز إنجازات الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (2017 – 2025)
-
تم تأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني كمكانة وطنية مرجعية للأمن السيبراني في المملكة لتصبح الجهة المختصة في حماية البنى التحتية والحكومة الرقمية.
-
المملكة احتلت المركز الأول عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2025 بحسب تصنيف International Institute for Management Development (IMD) لمؤشر التنافسية العالمي.
-
تصنيف المملكة كـ “نموذج قائد (Role-Model)” في المؤشر العالمي للأمن السيبراني لعام 2024 الصادر عن International Telecommunication Union (ITU). معلومات مالية+2وردنا+2
-
نمو ملحوظ في سوق الأمن السيبراني داخل المملكة: بلغت قيمة السوق نحو 15.2 مليار ريال في 2024، مع نمو قدره 14% عن العام السابق، وتشغيل أكثر من 21,000 مهني في القطاع للأمن السيبراني. saudigazette+1
-
تطوير القدرات البشرية: عبر برامج مثل الأكاديمية الوطنية للأمن السيبراني، حيث تم تدريب آلاف السعوديين (على سبيل المثال: أكثر من 6,000 متدرب من الجهات الحكومية في 2023) ضمن برنامج “CyberIC”. الشرق الأوسط
-
إصدار الأُطر والسياسات الوطنية: مثل ضوابط الأمن السيبراني للأنظمة، الحوسبة السحابية، العمل عن بُعد، وغيرها من التنظيمات التي وضعتها الهيئة لتعزيز الحوكمة السيبرانية. الهيئة الوطنية للأمن السيبراني+1
-
تعزيز التعاون الدولي والإقليمي: مشاركة في تدريبات مع أكثر من 40 دولة، وقيادة مبادرات مثل منتدى الأمن السيبراني العالمي، مما يعكس حضور المملكة في المشهد العالمي السيبراني.
وهذا ياخذنا الى معرفة أبرز إنجازات الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (NCA) منذ تأسيسها (2017 حتى عام 2025) على النحو التالي:

- صدر الأمر الملكي رقم (6801) بتاريخ 11/2/1439هـ، عام 2017م، بإنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني كجهة مختصة مرجعية في المملكة تربطها مباشرة بمقـام خادم الحرمين الشريفين.
- بداية بناء الإطار التنظيمي والبنية التشريعية للأمن السيبراني في المملكة، ضمن الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني.
2018 – 2019
- أصدرت الهيئة أولى «وثائق الضوابط السيبرانية الأساسية للأنظمة القومية»، التي حدّدت الحد الأدنى للمعايير التي يجب على الجهات الحكومية تطبيقها.
- بدأت برامج التمكين والتدريب وبناء القدرات الوطنية في مجال الأمن السيبراني ضمن الشراكة مع القطاعين العام والخاص.
2020 – 2021
- انطلاق مشروعات ومبادرات كبيرة في التوعية والتدريب مثل برامج «سايبرك» وتنفيذ تمرينات السيبرانية الوطنية.
- إصدار وتحديث الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني لتشمل محاور التكامل، والتنظيم، والتوكيد، والدفاع، والتعاون، والبناء.
2022 – 2023
- توسعة نطاق التعاون الدولي والإقليمي: مشاركة المملكة في مؤتمرات دولية، واستضافة منتديات الأمن السيبراني، وتصنيف المملكة كنموذج «Role-Model» في المؤشرات العالمية.
- إصدار التقرير الاقتصادي لقطاع الأمن السيبراني: مثلاً تقرير أشار إلى أن القطاع ساهم بنحو 18.5 مليار ريال في الناتج المحلي عام 2024.
2024 – 2025
- اعتُمدت المملكة المركز الأول عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024 بحسب تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية (IMD).
- تنمية سوق الأمن السيبراني داخل المملكة: تسجيل أكثر من 400 مقدم خدمات أو حلول أو منتجات أمن سيبراني.
- تنفيذ آلاف التمارين السيبرانية والاستجابة الحكومية للحوادث: مثلاً أكثر من +1800 حادث سيبراني تمّ رصده والاستجابة له.
ولعله من المفيد ان نستعرض مع المتابع الكريم الوثائق التنظيمية ومراجع ذات أهمية كبيرة:
- أمر ملكي رقم (6801) – تنظيم الهيئة الوطنية للأمن السيبراني.
- الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، محاورها ومجالاتها.
- تقرير المؤشرات الاقتصادية للقطاع السيبراني.
-
صفحة إنجازات الهيئة على موقعها الرسمي (بالعربية والإنجليزية).



