
صحيفة أحوال : بقلم أ. سحمة العمري :
تتميز تهامة عسير بعشق أهلها للتراث الشعبي والثقافة والإطلاع والحفاظ على موروث الماضي العريق من خلال مايراه السائح الذي يزور منطقة عسير بصفة عامة وقرى تهامة عسير بصفة خاصة ، ومن هذه القرى الأثرية التي شدتني عند زيارتها ” قرية ساحل الأثرية ببارق “.
موقع القرية
تقع قرية ساحل الأثرية في محافظة بارق وسط المحافظة ، وترتبط بالحواضر القديمة وأسواقها من خلال ربط الطرق المارة من خلال هذه المحافظة ، حيث ترتبط شمالاً بمكة المكرمة والقنفذة من جهة الغرب واليمن وبيشة جنوباً ، وتتميز قرية ساحل بأعمارها الرائع من الحجر وماتحويه من متحف أثري ومسرح جميل وتنسيق للزوار وتقديم اللوحات الفنية التي جعلت سمعة هذه القرية رائجة في المنطقة الجنوبية ومقصداً للزوار.
تأسيس القرية وتاريخها
يعود تأسيس هذه القرية إلى ألف ومائة عام وذلك من خلال ماوصفه المؤرخون القدامى من خلال النقش الأثري على منازل وحصون القرية ، حيث أن التاريخ المنحوت يعود لعام 433ه ، وهو تاريخ يبين عراقة وأرث هذه القرية ،وكذلك يوضح اهتمام الأجيال المتتالية في الحفاظ على هذه القرية من الاندثار طوال هذه الحقبة الزمنية.
رحلة البركاتي ومروره بالقرية
من خلال رحلة الشريف البركاتي مر بقرية ساحل الأثرية من خلال رحلته إلى مدينة أبها عام 1329ه ، وتحدث عنها بأن هذه القرية تعتبر قاعدة بارق ، وحيث أن بارق يوجد بها أكثر من خمسون قرية وكلها مبنية بالحجر المنحوت الجميل ، والدور فيها من طبقتين إلى ثلاث ، ولم يكن يتوقع أن يكون هذا الاهتمام بأورخة المباني بالنحت لتكن واضحة التأسيس على مر العصور.
طريقة بناء القرية وتقسيمها
تعد قرية ساحل مدينة أكثر من مجرد قرية ، حيث تحتوي على كافة أسباب الحياة من مصادر المياه والبيادر الزراعية ، وتأتيها التجارة من كل اتجاه لموقعها الجغرافي المتميز ، وتحتوي القرية على ستة أحياء بها مايقارب 250 منزلاً كلها بالبناء الحجري والطين وأسقفها من أشجار السدر والعرعر والقصب والمض وتليس جدرانها الداخلية بخلب الطين مع الجص الأبيض مع نقوش القط الجنوبي.
جامع القرية وترميمه
في قرية ساحل الأثرية جامع يزيد عمره عن مائتي سنة ، وقد أمر الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بترميمه بمبلغ 200 ريال في عام 1364ه ، وهناك أيضاً مايسمى بالكتاتيب والمعلامة وهي مواقع تعليم وتدريس القرآن الكريم وعلوم السنة على أيادي شيوخ عصرهم آنذاك جزاهم الله عنا خيرا، وهناك أيضاً عدد من القصور والحصون الأثرية ومقرات الدوائر الحكومية قديمًا في بداية تأسيس المملكة العربية السعودية.
بعد تطور المحافظة وقدوم الكهرباء
انتقل سكان القرية إلى وسط محافظة بارق عند قدوم الكهرباء والطرق في عام 1397ه ، ولكنهم بالوقت ذاته حافظوا على قصورها والمنازل القديمة المجاورة للقرية لتبقى كما هي ، مما جعل جمعية التراث والحرفيين في بارق إلى إعادة النظر كذلك بترميم القرية والحفاظ على معالمها من متاحف وسوق للحرفيين والأسر المنتجة وغيرها ، وحيث أن هذه القرية تشهد إقبالاً كبيراً من الزوار ومحبي التراث الشعبي والسيّاح وخاصة في وقت الشتاء واعتدال الأجواء التهامية.