
كشفت رسائل مسربة تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن مخطط إخواني خطير لقطع الطريق أمام الفترة الانتقالية في السودان من خلال مسيرة ينظمونها السبت بالاشتراك مع أحزاب وكيانات صغيرة كانت تشاركهم السلطة في عهد المخلوع عمر البشير.
وفي مؤشر على بدء تنفيذ المخطط؛ نقل بيان صادر في الساعات الأولى من صباح السبت عن أيمن نمر، والي الخرطوم، قوله إن مجموعات عسكرية منعت القوات الأمنية من وضع الحواجز التأمينية في الطرق المؤدية إلى المقار والمنشآت الحكومية الحساسة. جاء ذلك فيما نشر عبرسكاي نيوز العربية*.
وفي حين أشارت تقارير إلى أن خطة الإخوان تتضمن اقتحام مجلس الوزراء والعبث بمحتوياته؛ أظهرت تسريبات لاجتماع مجموعة إخوانية في أحد الأحياء بشرق الخرطوم خطة تقوم على خلق الفوضى وتنفيذ عمليات قتل وحرق وتخريب لتهيئة الظروف المناسبة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد.
ووفقا لرسالة صوتية تم تداولها على نطاق في وسائل التواصل الاجتماعي السودانية؛ فقد طلب أحد عناصر تنظيم المؤتمر الوطني المحلول، الجناح السياسي للإخوان، من عناصر التنظيم عدم رفع أي شعارات أو ترديد هتافات تكشف عن هويتهم.
ولاحقا تسرب مقطع فيديو لنفس الشخص وهو صحفي من المقربين لعمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.
وتحدث الصحفي في المقطع بغضب شديد متهما زملاء له في إحدى مجموعات تطبيق “الواتساب” بتسريب الرسالة الصوتية التي أكدت أن تنظيم الإخوان لا يزال ينشط بقوة عبر شبكات واقعية وافتراضية.
ومنذ سقوط نظامهم؛ الذي حكم السودان بقبضة أمنية حديدية على مدى 30 عاما؛ يستخدم الإخوان تكتيكات مختلفة في محاولة للعودة إلى الحكم مجددا؛ مستندين إلى شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والإعلامي والعسكري التي تمكنوا من بنائها خلال العقود الثلاثة الماضية.
ورغم الجهود التي تبذلها اللجنة الوطنية التي شكلت لتفكيك بنية تنظيم الإخوان وشبكاته الاقتصادية والعسكرية والإعلامية؛ إلا أن الأمر يبدو صعبا للغاية؛ إذ تجد قرارات اللجنة مقاومة من مسؤولين عسكريين كبار في مجلس السيادة.
ومع تفاقم الخلافات بين الشقين المدني والعسكري منذ أكثر من 3 أسابيع؛ نشأ تحالف غير معلن بين الإخوان وعدد من الأحزاب والحركات المسلحة المقربة من الشق العسكري في مجلس السيادة.
وشكلت عناصر إخوانية معروفة حضورا لافتا في حفل أقيم قبل نحو اسبوعين لتدشين حاضنة جديدة مدعومة من الشق العسكري لكنها تواجه برفض واسع في الشارع السوداني الذي اعتبر أن الهدف منها هو محاولة إعادة الإخوان إلى الواجهة مجددا.
وفي سبتمبر تفاعل آلاف السودانيين مع هاشتاق دعا لتصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا وذلك بعد تقارير أكدت تخريبهم لعدد من شبكات نقل الكهرباء وخطوط السكك الحديدية وتورطهم في محاولات خلق الفوضى الأمنية في البلاد.
من جانب اخر حذر قانونيون سودانيون من أن الحكم القضائي الصادر، يوم الثلاثاء، بإعادة عدد من القضاة المفصولين من قبل اللجنة الوطنية المكلفة بتفكيك بنية نظام الرئيس المعزول عمر البشير، يشكل خطرا كبيرا على جهود إصلاح الأجهزة العدلية وإنهاء هيمنة “الإخوان” على مفاصل الدولة.
وأشار القانونيون إلى أن الحكم يأتي في إطار محاولات عديدة لتنفيذ قرارات اللجنة تمهيدا للمزيد من التمكين للإخوان في مؤسسات الدولة العامة والعدلية.
واجتاح الشارع السوداني غضب كبير عقب حكم صدر عن دائرة ثلاثية في المحكمة العليا بإعادة عدد من القضاة الذين فصلتهم اللجنة خلال الأسابيع الماضية بسبب علاقة بعضهم بتنظيم “الإخوان”، ومخالفة البعض لإجراءات التعيين المتبعة في الهيئات العدلية.
وكشفت اللجنة في مؤتمر صحفي عن عقبات كبيرة تواجه عملها، وقالت إن الحكم لم يستوفي الإجراءات المفترض اتباعها، مؤكدة أنها ستتصدى له بالطرق القانونية.
وبحسب قانونيين تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن اللافت في الحكم هو عدم مروره بلجنة الاستئناف المعطلة أصلا، مشيرين إلى أن الهيئة الثلاثية التي أصدرت الحكم ضمت اثنين من المفصولين من قبل اللجنة في وقت سابق.
ووصف القانونيون الحكم الصادر بالمخالف للضوابط المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية الساري حاليا، واعتبروه محاولة لقطع الطريق أمام إبعاد الكوادر الإخوانية من الأجهزة العدلية.
وفي هذا السياق، قال الخبير القانوني كمال الجزولي، إن المحكمة المعنية “نظرت في أمر لا يعنيها، إذ يفترض أن يتم الإجراء عبر لجنة استئنافات مختصة بالنظر في التظلمات التي ترد إليها”.
ورأى الجزولي أن صدور مثل هذا الحكم “المعيب” يعني أن الثورة لم تستكمل أهدافها بعد، وأن هناك جهات تعمل على تمكين عناصر النظام السابق في الأجهزة العدلية.
ومن جانبه، نبّه المحامي كمال الأمين إلى ملاحظات جوهرية من بينها المخالفات الإجرائية الواضحة ووجود قاضيين مفصولين في الدائرة التي أصدرت الحكم والمكونة من ثلاثة قضاة، مما يشير إلى حالة تعارض مصالح واضحة، ويجعل القرار الصادر بدون أثر قانوني.
ويشير قانونيون إلى وجود “لوبيات إخوانية” داخل المنظومة العدلية، تعمل بشكل ممنهج على إجهاض العدالة في العديد من الجرائم التي شاركت عناصر إخوانية في ارتكابها ومنها انقلاب البشير في العام 1989 وقضية إعدام نحو ثلاثين ضابطا خارج الأطر القانونية في 1990 والمجزرة التي وقعت في معسكر لتدريب المجندين في شرق الخرطوم في 1998 والتي قتل فيها أكثر من 100 شاب، إضافة إلى العديد من جرائم القتل والاغتصاب التي طالت المئات من السودانيين خلال فترة حكم الإخوان التي امتدت من 1989 وحتى 2019.
وبرزت عدة مؤشرات على وجود خلل في المنظومة العدلية تمثلت في التعثر الحالي في محاكمة المتهمين بتنفيذ انقلاب يونيو 1989 حيث تقدم القاضي المكلف بطلب لتنحيته ليصبح ثاني قاضي ينسحب من تلك القضية في أقل من 6 أشهر.
كذلك يبرز أيضا الجدل الكبير الذي يدور حول طريقة التعامل مع المئات من الجثامين مجهولة الهوية المكدسة في مشارح عدد من المستشفيات الحكومية.
ومن بين المؤشرات على المعوقات التي يواجهها ملف العدالة ما يعتبره البعض تهريبا ممنهجا لعشرات المتهمين في عمليات فساد كبيرة من بينهم أحد أشقاء الرئيس المعزول عمر البشير ورجل الأعمال التركي السوداني أوكتاي، اللذان يعيشان في تركيا حاليا، إضافة إلى عدم القبض حتى الآن أو إطلاق سراح العديد من العناصر الإخوانية المتهمة بالتورط في عمليات فساد ضخمة تقدر بمئات الملايين من الدولارات أو عمليات قتل طالت المئات من المعتقلين والشباب.
ويلقي قانونيون باللوم على التقاعس الكبير الذي حدث في عملية إصلاح المنظومة العدلية، مؤكدين أن أجهزة القضاء والنيابة لا تزال على الحال الذي أوجده النظام السابق والذي كان قد بني على الولاء وليس الكفاءة.
ويشير القاضي السابق سيف الدولة حمدنالله، إلى تراخي أجهزة الحكومة الانتقالية في إعادة بناء منظومة العدالة وجعلها نقطة الانطلاق الأولى في مسيرة الحكم الانتقالي كما طالب بذلك الجميع.
- المصدر: سكاي نيوز العربية