
أحوال – ليبيا – محمد محمود الشيباني
شهدت العاصمة الليبية طرابلس تصعيدًا أمنيًا خطيرًا، كشف عن صراع داخلي يتجاوز مجرد اشتباكات بين جماعات مسلحة. فالمعطيات تؤكد أن مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، قائد جهاز دعم الاستقرار، لم يكن نتيجة مواجهات عشوائية، بل عملية مدبرة تم تنفيذها بعد استدعائه إلى اجتماع رسمي في مقر اللواء 444، حيث تمت تصفيته بشكل ممنهج.
هذه العملية أدت إلى انهيار تنظيمي ومعنوي واسع في صفوف أتباعه، خاصة وأن الككلي كان يملك شبكة نفوذ معقدة تشمل علاقات متوترة مع وزارة الداخلية ودائرة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة. كما كان يدير “جيشًا خاصًا” يخدم مصالحه الشخصية، إلى جانب سيطرته على موارد اقتصادية من التهريب والاقتصاد الموازي.
تُعد هذه التصفية جزءًا من جهود حكومة الوحدة الوطنية لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، والحد من استقلالية المليشيات ودمجها ضمن مؤسسات الدولة، وهي خطوة برزت مع تعيين عماد الطرابلسي وزيرًا للداخلية، وسعيه لاستعادة السيطرة على المعابر الحدودية.
لكن رغم هذه التحركات، يبقى الوضع الأمني في ليبيا هشًا. ولا يُتوقع أن تُحسم الأزمة أو تتحسن الأوضاع إلا إذا خضعت جميع الأجهزة الأمنية للسلطة الفعلية للحكومة، ضمن برنامج وطني واضح يجعل من الأمن أولوية قصوى، ويضع حدًا لفوضى السلاح والتعددية العسكرية خارج سيادة الدولة.