دوليهسياسة

النظام الإيراني يلفظ أنفاسه الأخيرة

Listen to this article

في خضم التصعيد المتواصل للتوترات السياسية والاجتماعية في إيران، كشف خطاب الملا أحمد خاتمي بمدينة ورامين عن ملامح أزمة وجودية متصاعدة تهدد النظام من الداخل. فقد خرج خطاب خاتمي عن المألوف، حاملاً نبرة قلق واضحة، معترفاً ولأول مرة بوجود “اضطرابات منظمة” تهدف لإسقاط النظام بسرعة، ما يعد مؤشراً خطيراً على إدراك القيادة الإيرانية لمدى جدية التحديات التي تواجهها.

من الإنكار إلى الإقرار: الاعتراف بالمقاومة المنظمة

يشكّل خطاب خاتمي نقطة تحول لافتة في موقف النظام الإيراني، الذي طالما أنكر وجود مقاومة منظمة أو وحدات انتفاضة، لكنه بات اليوم يقر بها علناً كتهديد فعلي. استخدم خاتمي مصطلحات مثل “المنافقين” و”مشروع خارجي ضخم”، زاعماً أن الولايات المتحدة خصصت ميزانية دولة كاملة لدعم هذه التحركات. إلا أن هذا الخطاب لا يبدو مجرد دعاية تقليدية، بل يعكس تحوّلاً في قراءة النظام للواقع: فالمقاومة لم تعد مجرد شغب، بل باتت شبكة متماسكة تُتقن توظيف أدواتها، من الشعارات الليلية إلى الرسائل التعبوية، لزرع الأمل في نفوس المواطنين.

هذه الإشارات تؤكد أن وحدات الانتفاضة ليست تجمعات عشوائية، بل خلايا مترابطة تعمل وفق استراتيجية دقيقة، قادرة على استغلال المناخ الأمني المشحون لتوسيع حضورها داخل الشارع الإيراني.

ولاية الفقيه: درع الشرعية أم قيد الانهيار؟

حاول خاتمي أن يقدم “ولاية الفقيه” كسرّ صمود النظام لعقود، مستشهداً بفشل حركات إسلامية أخرى كالإخوان المسلمين في الحفاظ على السلطة. غير أن تكرار الإشادة بهذا المفهوم يعكس قلقاً متزايداً لدى المؤسسة الدينية الحاكمة من اهتزاز شرعيتها، ويُعدّ –وفق مناهج التحليل السياسي– مؤشراً على هشاشة داخلية لا تطمئن بل تنذر بالخطر.

وفي سياق متصل، تبنّى خاتمي موقفاً متشدداً من الملف النووي، مؤكداً أن “التخصيب خط أحمر”، في محاولة يائسة لتصوير النظام كقوة صامدة في الخارج، بينما الواقع الداخلي يترنح تحت وطأة الانقسامات والاحتقان الشعبي.

نحو مفترق مصيري: هل بدأ العد التنازلي لسقوط النظام؟

خطاب خاتمي ليس مجرد موقف سياسي، بل وثيقة اعتراف بخوف حقيقي من مقاومة لم تعد خافتة، بل باتت حاضرة ومؤثرة. إن تفكك شرعية النظام، واستنزاف قدراته الاستراتيجية، وامتداد جذور المقاومة إلى عمق المجتمع الإيراني، كل ذلك يضع النظام أمام مرحلة مصيرية.

اليوم، تبدو معادلة الصراع في إيران وقد انقلبت: من نظام يلاحق خصومه، إلى نظام يعيش تحت وطأة مطاردة دؤوبة من مقاومة غير تقليدية. وبهذا، فإن سقوط النظام لم يعد سؤالاً عن “إمكانية”، بل عن “موعد”.

محمد محمود الشيباني

عضو هيئة التحرير _ مدير مكتب المغرب العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى