
أحوال – عبد الله صالح الكناني
اختتم مؤتمر تمويل التنمية التاريخي في إشبيلية أعماله، اليوم الخميس، بشعور متجدد بالتصميم والتركيز على العمل الذي يمكن أن يغير حياة الناس في جميع أنحاء العالم، وفقا لما ذكرته نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد
اختتمت قمة إشبيلية التاريخية، المتمثلة في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، أعمالها اليوم الخميس في مدينة إشبيلية الإسبانية، وسط أجواء من التفاهم والتصميم المشترك على إعادة توجيه مسار التنمية العالمية. وجاءت مخرجات المؤتمر لتعزز الأمل وتطلق حزمة من المبادرات الهادفة إلى تجاوز أزمة التمويل التي تعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
توثيق الالتزام والعمل الجماعي
في كلمتها الختامية، أكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد أن المؤتمر سلّط الضوء على التحديات العالمية المرتبطة بتصاعد أعباء الديون وتراجع المساعدات الإنمائية وتوترات الاقتصاد العالمي. وقالت:
“لقد شهدنا هذا الأسبوع تأكيدًا واضحًا على أن التعاون الدولي متعدد الأطراف لا يزال يعمل، ولا يزال أمل التنمية ممكنًا”.
وأوضحت أن المؤتمر أقر وثيقة نتائج شاملة تركز على الحلول العملية، وتعيد التأكيد على التزامات “خطة عمل أديس أبابا” الصادرة عام 2015، وتفتح آفاقًا جديدة نحو حشد الموارد المالية الكفيلة بتمكين الدول النامية من تنفيذ التزاماتها.
منتدى إشبيلية العالمي للديون
أعلنت نائبة الأمين العام عن إطلاق منتدى إشبيلية للديون، بالشراكة مع الحكومة الإسبانية، كمنصة دولية تساعد الدول على تنسيق عمليات إعادة هيكلة الديون وتعزيز الشفافية والاستدامة المالية.
وأكد وزير المالية الإسباني كارلوس كويربو أن بلاده تتعهد بجعل إشبيلية “نقطة انطلاق لحلول تمويلية واقعية تغيّر حياة الناس حول العالم”، مشيرًا إلى أن المؤتمر أرسل رسالة قوية مفادها أن التعددية والتعاون لا يزالان أدوات فعالة لتصحيح مسار التنمية.
مبادرات مبتكرة: أكثر من 100 التزام جديد
أطلق المؤتمر ضمن “منصة عمل إشبيلية” أكثر من 100 مبادرة، من أبرزها:
- مركز عالمي لمقايضات الديون مقابل التنمية بقيادة إسبانيا والبنك الدولي.
- تحالف لوقف سداد الديون خلال الأزمات من قبل مجموعة من الدول ومؤسسات التمويل التنموية.
- مبادرة إيطالية لتحويل 230 مليون يورو من ديون الدول الإفريقية إلى مشاريع تنموية.
- فرض ضرائب تضامنية على الطائرات الخاصة والرحلات المميزة لتمويل أهداف المناخ والتنمية، تقودها إسبانيا والبرازيل.
- منتديات دعم للقطاع الخاص والمشاريع الاستثمارية المؤثرة بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار.
- تحالف المملكة المتحدة وبريدجتاون لتعزيز تمويل الدول المتضررة من الكوارث المناخية.
تعزيز العدالة المالية والتمثيل العادل
ركز المؤتمر على تمكين الدول النامية من الحصول على صوت أقوى في اتخاذ القرارات المالية العالمية، إضافة إلى دعم مراكز فنية جديدة تساعد في التخطيط للمشاريع وتحسين تنفيذها.
كما تم الإعلان عن تحالفات دولية تهدف إلى إصلاح السياسات الضريبية العالمية لجعلها أكثر عدالة وإنصافًا، خصوصًا تجاه الفئات الثرية والشركات الكبرى.
انتقادات المجتمع المدني ووعود بالإصلاح
ورغم هذه المكاسب، تلقت الأمم المتحدة بعض الانتقادات من منظمات المجتمع المدني بشأن محدودية إشراكها في جلسات المؤتمر، ما دفع أمينة محمد للتعهد بـ”تعزيز شمولية العملية التفاوضية” في النسخ القادمة، وقالت:
“نحن نسمعكم. الثقة تُبنى بالإشراك الفعلي والحقيقي”.
الخلاصة: بداية جديدة
يُنظر إلى مؤتمر تمويل التنمية في إشبيلية بوصفه محطة مفصلية في المسار العالمي نحو تحقيق التنمية المستدامة، حيث أكد المشاركون من أكثر من 190 دولة أن العالم بحاجة إلى نظام تمويلي أكثر عدالة وإنصافًا واستدامة، مع التأكيد على أن التمويل الذكي، والتضامن الدولي، والحوكمة المالية الرشيدة هي مفاتيح نجاح العقد القادم.
ويُتوقع أن تتابع الأمم المتحدة والدول الأعضاء تنفيذ الالتزامات التي خرج بها مؤتمر إشبيلية، مع تقييم دوري للتقدم المحرز، خاصة مع اقتراب عام 2030، موعد تحقيق أجندة التنمية المستدامة.