دعم التنمية الريفية

أحوال – عبد الله صالح الكناني
استدامة تعزّز الزراعة الريفية باتفاقية تعاون مع مؤسسة ريف الأهلية
وقّع المركز الوطني لأبحاث وتطوير الزراعة المستدامة (استدامة) اتفاقية تعاون نوعية مع مؤسسة ريف الأهلية، وذلك على هامش مشاركة المركز في المعرض الزراعي السعودي 2025، برعاية معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، وبحضور مدير عام المركز الدكتور خالد بن سليمان الرحيلي، والرئيس التنفيذي لمؤسسة ريف الأستاذ ثامر البقمي.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون في مجالات التنمية الريفية المستدامة، ودعم المشاريع الزراعية والمجتمعات الريفية من خلال الدراسات والأبحاث والخدمات الاستشارية، إلى جانب تطوير البرامج التدريبية والإرشادية، وتمكين الكيانات غير الربحية العاملة في القطاع الريفي من تبنّي الممارسات الزراعية الحديثة والمستدامة.
ويُعد هذا التعاون خطوةً استراتيجية ضمن توجهات مركز «استدامة» نحو توسيع شراكاته مع مؤسسات التنمية الريفية والمجتمعية، وتكثيف جهوده لنقل المعرفة وتوطين التقنيات الزراعية الحديثة، تحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في تنمية المناطق الريفية وتمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
من التأسيس إلى الريادة:
تأسس المركز الوطني لأبحاث وتطوير الزراعة المستدامة (استدامة) بقرار مجلس الوزراء رقم (270) بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1440هـ (الموافق 14 فبراير 2019م)، ليكون بيت الخبرة الوطني في مجال البحوث الزراعية التطبيقية، ورافداً رئيساً لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية والأمن الغذائي في المملكة.
ومنذ انطلاقته، يعمل المركز تحت إشراف وزارة البيئة والمياه والزراعة، بصفته كيانًا بحثيًا مستقلاً يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ليقود مسيرة التطوير والابتكار في قطاع الزراعة المستدامة، ويعزز تكامل الجهود الوطنية نحو تحقيق اقتصاد زراعي مرن ومنتج ومستدام.
وحدد المركز لنفسه منذ البداية مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها:
- إجراء البحوث التطبيقية لتطوير حلول زراعية مبتكرة تسهم في تحسين كفاءة الإنتاج وجودة المحاصيل.
- تطوير الممارسات الزراعية المستدامة من خلال الإدارة المتكاملة للمياه والتربة والموارد الطبيعية.
- نقل وتوطين التقنيات الزراعية الحديثة في البيوت المحمية والزراعة الذكية مناخياً.
- دعم الابتكار الزراعي وتمكين الكفاءات الوطنية من خلال برامج تدريبية متخصصة.
- تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني لتحقيق التنمية الزراعية الشاملة.
إنجازات ميدانية وبحثية بارزة
رغم حداثة تأسيسه، استطاع مركز «استدامة» أن يرسّخ مكانته كمحرك رئيسي في مسيرة التنمية الزراعية المستدامة داخل المملكة، عبر حزمة من المبادرات والإنجازات، من أبرزها:
- إطلاق برامج بحثية تطبيقية في مجالات الزراعة المحمية، والزراعة بدون تربة، والإدارة المتكاملة للآفات، والتحكم البيئي في البيوت المحمية، بما يواكب أفضل الممارسات العالمية.
- تطوير تقنيات الزراعة الذكية مناخياً لمواجهة تحديات التغير المناخي وتحسين كفاءة استهلاك المياه والطاقة في الزراعة، بما ينسجم مع مستهدفات «المبادرة السعودية الخضراء».
- تنفيذ برامج تدريب وتأهيل وطنية استفاد منها مئات المتدربين من المزارعين والمهندسين الزراعيين، بالشراكة مع صندوق التنمية الزراعية وجهات أخرى، لتطوير مهاراتهم في التقنيات الحديثة للزراعة المحمية.
- إقامة ملتقيات وورش عمل علمية متخصصة لعرض نتائج الأبحاث الميدانية ونقلها إلى المزارعين والمستثمرين في القطاع الزراعي، مما يسهم في تقليص الفجوة بين البحث العلمي والتطبيق العملي.
- إبرام سلسلة من الاتفاقيات الاستراتيجية مع جهات وطنية ودولية، منها الشركة الوطنية الزراعية، وهيئة تطوير مناطق زراعية، والقطاع غير الربحي، لتوسيع نطاق تبادل المعرفة والابتكار.
- تعزيز البنية التحتية البحثية والتقنية من خلال تطوير مختبرات متقدمة ومزارع تجريبية مزوّدة بأنظمة ذكية لمراقبة البيئات الزراعية وتحليل البيانات الزراعية.
شراكات من أجل التنمية الريفية:
في إطار التوجه نحو تمكين المجتمعات الريفية، تمثل الاتفاقية الجديدة مع مؤسسة ريف الأهلية نموذجاً عملياً لتطبيق مفهوم الزراعة المستدامة المجتمعية، إذ تتيح للمؤسسة الاستفادة من خبرات المركز في مجالات الدعم الفني، والتخطيط الزراعي، والإرشاد والتدريب، وتطوير برامج التنمية الريفية المتكاملة التي تخلق فرص عمل وتزيد من العائد الاقتصادي للمزارعين.
وأوضح الدكتور خالد الرحيلي أن هذه الشراكة تأتي ضمن جهود المركز لمدّ جسور التعاون مع القطاع غير الربحي، مؤكداً أن «استدامة» تعمل على توسيع قاعدة المستفيدين من برامجها لتشمل المزارعين، والنساء الريفيات، ورواد الأعمال الزراعيين، بما يعزز العدالة التنموية في مختلف مناطق المملكة.
فيما أشار ثامر البقمي الرئيس التنفيذي لمؤسسة ريف الأهلية، إلى أن التعاون مع «استدامة» يمثل إضافة نوعية لمشروعات المؤسسة، حيث سيسهم في تطوير مبادرات قائمة على المعرفة والبحث العلمي، تحقق استدامة فعلية للموارد والمجتمعات الريفية.
من البحث إلى الأثر الوطني:
منذ انطلاقته، حرص المركز على أن تكون مشاريعه ومخرجاته ذات أثر ملموس على الأداء الوطني في الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي، من خلال:
- تطوير نظام متكامل لإدارة المعرفة الزراعية، يتيح تبادل البيانات بين الجهات الحكومية والمراكز البحثية والمزارعين.
- إنشاء منصات رقمية لمتابعة الأداء الزراعي وتحليل البيانات المناخية، تسهم في توجيه قرارات الزراعة والإنتاج.
- تبنّي مبادرات توعوية وإعلامية للتعريف بممارسات الزراعة المستدامة وأثرها على الاقتصاد الوطني والبيئة.
- دعم المشروعات التجريبية في المناطق الجافة لتحسين إنتاجية المحاصيل عبر أنظمة ري دقيقة وتقنيات الاستشعار عن بعد.
هذه الجهود جعلت من استدامة لاعباً رئيسياً في منظومة الأمن الغذائي بالمملكة، وبيت خبرة علمياً يرفد القطاع الزراعي بالحلول التقنية والبحثية الحديثة.
في ظل رؤية المملكة 2030، يشكّل مركز استدامة أحد الأذرع البحثية والتنفيذية الداعمة لمستهدفات برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، ويُسهم في تطوير القطاعات الإنتاجية الزراعية عبر نقل التقنية وتوطينها، ورفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، وتحسين جودة الحياة في الريف، بما يحقق توازناً بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.