مقالات

لك حق .. تزعل

Listen to this article

بخيت طالع الزهراني

هذه السطور لا علاقة لها مباشرة بأغنية الفنان المبدع دائمًا، محمد عبده، “لك حق تزعل” .. لكنها “دندنة” تراوح بين “الزعل” و”الابتسامة” أو لعلها مقاربة بين نقيضين.

.

ذات مرة ونحن نتسامر – مجموعة أصدقاء – وإذ بأحدهم (يفتح سيرة) الابتسامة والفرح والابتهاج … الخ .. حينها روى لنا نحن الجالسين، قصته مع زميله (النكدي – الزعول) في (العمل) .. وكيف أن الحيلة أعيته في جعله منشرح البال، مبتسم الثغر – مرة ومرة – … بعد أن لاحظ عليه أنه “زعلان على طول الخط” ما جعله يذوي، وتتدهور صحته.  

.

أحد الجالسين بجانبي، قال – استطرادا -: أحدنا يسافر للداخل أو الخارج بعد عناء سنة كاملة من الدوام اليومي المتلاحق، والروتين المرهق .. ثم لا تجده إلاّ في حالة من العبوس والتوتر، مع أنه يعيش (طقس التمشية والفسحة) حتى أنه لم تبق له إلاّ شعرة دقيقة بينه وبين أن (يتضارب) مع موظفي الاستقبال في الفندق أو الشقق، ومع صاحب التاكسي، والمرشد السياحي …. الخ .

.

يقول: صاحبنا ذاك وأمثاله يعيشون سنوات طويلة “على أعصابهم”، في قفص من “الحبس الاختياري” اسمه الزعل، وهم – بالتأكيد – يهدرون الكثير من سنوات حياتهم تحت عباءة التجهم والحزن والصرامة الشديدة ..

ثم يكتشفون مؤخراً أن جمال الحياة لا يكون إلاّ مع الابتسامة والتسامح، وعدم التدقيق في الكثير من الهفوات .. حتى أن أحدهم – وهذا مذهل –  إذا لقي من نفحات الزمن بعضًا من المواقف الفرائحية البهيجة، فإنه لا يتماهى معها، لا يتلذذ بها، ولا يجعلها مما يريح قلبه، ويسعد فؤاده.

.

وانبرى جالس آخر ليقول: ذات مرة هنأت صديقًا لي بنجاحه وسط الزملاء، فقال: أخفض صوتك، من سيسمعك سيقول إنني حصلت على وظيفة، وعندما صافحته بعد أشهر مباركاً بزواجه، شدّ كفي بصرامة حتى كاد يكسر عظامها، غامزاً بعينه، (هوه زواج والسلام).

.

يقول: وعندما تأملت حديث صاحبي، رأيت أن له رفقاء عديدين، وندداء كثر في عالمنا، فهناك في الواقع من ينظر دائماً إلى النصف الفارغ من الكأس، وبالتالي فهذا الصنف من البشر ينشرون ثقافة الاحباط لدى محيطهم، ويوزعون الانهزامية والحزن والخيبة.

.

وأختم بما قال ثالث: ذات مرة دخلت محلاً لبيع المشويات، وإذا بالكاشير يقول لي: (أنت دائماً مبسوط)، قالها عندما تكررت مني حالات الابتسامة أمامه، وإلقاء بعض المواقف والنكت الخفيفة، بينما العشرات من الزبائن يدخلون ويخرجون وهم عابسون ومكفهرون.

قلت له: وما الذي سنأخذه من الدنيا، سوى رضا الله، ثم إسعاد من حولنا، إن في بيوتنا، أو في محيط مجتمعنا، من خلال فعل طيب، وكلمة مودة، وابتسامة رضا.

…..

يقول الفيلسوف الفرنسي أوغست كوني: (لكي تحتفظ بالسعادة عليك أن تتقاسمها مع الآخرين).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى