الرئيسيةمقالات

الليث.. رحلة إلى المستقبل

Listen to this article

محمد جبران

لم تكن فكرة السفر مع المجموعات الكبيرة تستهويني كثيرًا، بسبب شعوري بالتفاوت في الأمزجة والاختلافات المتباينة في وجهات النظر، ولخوفي من أن تحرمني من الاستمتاع بالوجهة التي اقصدها، ومن تأمل أوصاف الأماكن.

لكن ما إن انطلقنا في رحلتنا إلى محافظة الليث عبر طريق الساحل الواسع والمنبسط، بدعوة كريمة من محافظها الشاب الأنيق والنشيط الاستاذ؛ عمران الزهراني، مع مجموعة من رجال الأدب والصحافة والتاريخ، حتى تلاشت تلك المخاوف وتبدد التردد فورا.

كان لقاءنا الأول بعد وصولنا مباشرة في مكتب سعادة المحافظ، وقد شدنا بجاذبيته وسيل أفكاره المثير، كنا مشدوهين من حماسته وإيمانه الصادق، وهو يحكي التفاصيل الدقيقة مع رفاق عمله، عن تراث الليث التاريخي: ومعالمها الحاضرة وآفاق مستقبلها.. كان تفكيره في المستقبل لا ينتابه القلق، كانت رؤيته صافية لدرجة أننا ارتحلنا بعقولنا وأجسادنا مع أفكاره باشتياق كبير إلى هناك ورغبنا في البقاء بلا عودة.

وبعد استراحة خفيفة اخذنا فريق العمل بالمحافظة في رحلة استكشافية عبر الزمن، بين سحر الماضي وجمال الحاضر ورؤى المستقبل.. بدأنا بالماضي ومصنع الزجاج والفخار بالسرّين، كان المشهد شديد الغرابة ونحن نرى العالم القديم وفي تلك الظروف المناخية الصعبة قادرا على الابتكار.

لم نكن وحدنا مع التاريخ، كانت المرأة حاضرة، فتيات مثقفات، شرحن باستفاضة تاريخ المكان، وفي نهاية الجولة قدمن لنا فناجين القهوة السعودية مع قطعٍ لذيذة من الحلويات المتنوعة والعصائر المثلجة المصنوعة بأيديهن.

انتقلنا بعدها الى مشهد خلاب يستحضر السعادة بمجرد رؤيته، شاطئا على البحر يكاد يكون الوحيد من نوعه، تلال من الرمال الناعمة تعانق في انسجام تام مياه البحر دون أن يطغى أحدهما على الآخر.

ودعنا غروب شاطئ الرمال واتجهنا إلى مقهى في الجهة الأخرى من المدينة، قضينا في أحد أركانه الهادئة لحظات وجيزة في زمنها لكنها مليئة بالنقاشات المثمرة عن الاستثمار في المنطقة والفرص الواعدة والمتوفرة والمتاحة لرجال الأعمال والمستثمرين.

سرنا بعدها باتجاه الشمال حيث حُجز لنا هناك في المجموعة الوطنية للاستزراع المائي (نقوا) موعدا للعشاء لنتذوق ما تنتجه المجموعة من أنواع الروبيان الفاخر، ومن ثم المبيت في نزلها الخاصة. جلسنا في صالة كبيرة مبنية بالكامل من طبيعة المنطقة، في مواجهة أهل المكان، واستمعنا منهم في دقائق إلى شرح مفصل عن الشركة العملاقة ودورها الكبير في اقتصاد البلد.

وفي صباح اليوم التالي ذهبنا إلى أحد أكثر الجوانب دهشة؛ ظاهرة المياه الحارة، الواقعة في أقصى شرق المحافظة والتي أعتقد أنها ستكون قريبا مقصدا استشفائيا مهما على خارطة سياحة الوطن..

وهناك كان ختام الزيارة، ووداع المكان .. لكن قلوبنا وعقولنا ما زالت مسافرة باتجاه الحلم، حلم الليث/ المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى