خلف ستار الصُدَف

عبدالله آل عامر
نعزو الكثير من الأحداث التي تظهر لنا فجأة ، سارةً كانت أم ضارة ، إلى تلك التي قالوا عنها ” خيرٌ من ألف ميعاد” رغم أنها لا تكون كذلك أحياناً، ونردُّ إليها الكثير من الأمور الغامضة التي لانستطيع أن نُدرك أو نفهم تفسيراً لطابعها المفاجئ.
الصدفة قد تلعب دوراً هاماً في تغيير مسارات حياتنا اليومية ونحن نحاول جاهدين فهم حدوثها وتأثير تواجدها على مشاعرنا، قد تأخذ طابع الحزن أو الفرح أو الإحباط أو القلق الذي يقودنا إلى التفكير بعمقٍ يُصاحبه دهشة تثير الكثير من التساؤلات عن إمكانية إحتوائها على فعلٌ سحري ربما لم نصل إلى مستوى فهمه أو التنبؤ بحدوثه أو السيطرة على مجرياته…!
نقرأ كثيراً عن الصدفة ونسمع أشياء غريبة عن تدخُلاتها في إنقاذ بعض المواقف المعقدة التي تنتهي غالباً بلا حلول، فتحضر الصدفة وتتغير الأحداث وتنحلّ العقد فجأة بلا تنبؤٍ سابق فتعيد لنا الأمل بعد إصابتنا بالخيبة.
كلٌ منا يرى الصدفة من زاويتهِ الخاصة فمنهم من يراها خيالاً، ومنهم من يراها حلماً يتحقق، وأغلبهم يغلب عليه الظنّ بوجود قوى خارقة من العالم اللامرئي تشارك في تغيير الأحداث أو تسييرها عكس ماهو مخطط لها ، وقلّة يرونها وجهاً آخر للأمل.
ورغم كثرة خوض العلماءِ والفلاسفة والمفكرون ومحاولاتهم البائسة في البحث عن تفسير منطقي لها إلا أنها تأبى الإنصياع للتحليل والتفسير وتفضِل أن تبقى “لؤلؤةً في صندوقٍ غامض”.
تعجُّ حياتنا اليومية بالمواقف الغريبة التي ندرجها عادةً تحت مُسمى الصدفة، ولكن قد نغفل أحياناً كثيرة عن إدراجها تحت تصنيفها الأساسي الذي أُشتقّت منه، فأقدارنا كُتبت وطرقنا رُسمت، ستظل الممكنات تخرح إلينا من العدم وتستقر في الوجود شئنا أم أبينا، وستظل تسير في طريقنا ، وتبقى أقداراً مهما اختلف المسمى، فقد خلق الله الكون ووضع له قوانين يسير عليها، وأنّ الإنسان ليس له القُدرة على الإختيار وإنْ إختار فليس له السلطة في الأمور المختارة.
ومضة :
وإن حيَّر تفسير “الصدفة” علماء الفلسفة والمفكرون فستبقى إحتمالية أن تكون جميلةً وممتعةً مرهونةً بما تكنّه من مشاعرٍ ربما كُتب لها أن تتلبّس الصدفة وهي في الحقيقة مشاعرٌ تتجاذبُ من طرفٍ لآخر تسوقها سلسلةٍ من الأقدار التي لانعلمُها، وأي خيرٍ تحمله لنا في مستقبل الأيام.



