رمضان

*مختصر سيرة الخلفاء الراشدين*

Listen to this article

*الفاروق عمر بن الخطاب* *رضي الله عنه* 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصّلاةُ والسّلامُ على سيِّدِنا محمَّدٍ الصادقِ الأمين، ورضيَ اللهُ عن أمهاتِ المؤمنينَ وءالِ البيتِ الطاهرين وعنِ الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليّ وعن الأئمةِ المُهتدين أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحين.

أما بعد، حديثُنا اليوم عن عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه الخليفةِ الراشدِ الفاروقِ الذي عدَل في رعيَّتِه فنامَ قريرَ العين، أحدِ السابقين الأوّلينَ منَ المُهاجرين وأحدِ العشَرة المُبَشَّرينَ بالجنة، وأحدِ أصْهارِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم وأحدِ كبار علماءِ الصحابة.

وكانت مدةُ خلافتِه عشرَ سنينَ وستةَ أشهرٍ إلّا يومًا واحدًا ابتداءً منْ سنة ثلاثَ عشرَ هجرية من يومِ وفاةِ أبي بكرٍ الصِّديق رضيَ الله عنه.

هو أبو حفصٍ الفاروقُ عمرُ بنُ الخطاب بنِ نُفيل، يلتقي بعمودِ النسبِ الشريفِ بكعبِ بنِ لؤي، وأمُه حَثْمَةُ بنتُ هاشم.

لقّبَه رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم بالفاروقِ لأنَّه يُفَرِّقُ بينَ الحقِّ والباطل.

وُلد رضيَ اللهُ عنه بعدَ عامِ الفيل بثلاثَ عشرةَ سنةً، كان طويلًا أصلعَ الرأس، أبيضَ اللون، شديدَ الحُمرة، كثَّ اللحية، خفيفَ شعرِ العارِضَيْن، كثيرَ شعرِ السِّبالَيْن (أي الشاربين)، شديدَ حُمرةِ العيْنين، كثيرَ التواضع زاهدًا ورِعًا مُتقشفًا رضيَ اللهُ تعالى عنه.

وقال وهبُ بنُ منبِّه: جاءتْ صفتُه في التوراةِ أنّه قرنٌ منْ حديد، أميرٌ شديد.  

وأسلمَ في السنةِ السادسةِ وَكانَ عُمُرُهُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ عَامًا، أَسْلَمَ بَعْدَ نَحْوِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا.

وَفِي قِصَّةِ إِسْلامِهِ عِدَّةُ رِوَايَاتٍ مِنْهَا أنّ عمرَ خرجَ متقلّدًا بالسيف، فوجدَه رجلٌ منْ بني زُهرة فقال: أينَ تعْمَد يا عمر؟ قال: أريدُ أنْ أقتلَ محمّدًا، فقال: وكيف تَأمَنُ منْ بني هاشم وبني زُهرةَ وقدْ قَتَلت محمّدًا؟ فقال له عمر: أراكَ قد تركتَ دينَك الذي أنتَ عليه، فقال الرجل: أفَلا أدلُّك على العجَب، إنّ أختَك وخَتنَك (أي صِهرَك) قدْ ترَكا دينَك. فأتاهُما عمرُ وكانوا يقرَؤون “طـٰه” فقال لهما: لعلَّكُما قد صَبَوْتُما، فقال له ختَنُهُ: أرأيتَ يا عمر إنْ كانَ الحقُّ في غيرِ دينِك، فوثَبَ عليه عمرُ بنُ الخطاب وضربَه ضربًا شديدًا. فجاءتْ أختُه ودفَعتْه عنهُ فضربَها بيدِه فَدَميَ وجهُها، فقالت: أرأيتَ يا عمر إنْ كان الحقّ في غيرِ دينِك، أشهدُ أنْ لا إلـٰه إلّا اللهُ وأشهدُ أنّ محمدًا رسولُ الله. فلمّا يئسَ عمرُ قال: أعْطوني هذا الكتاب الذي عِنْدَكمْ فأقرَأْه، فقرأَ “طـٰه” حتى انتهى إلى قولِه تعالى: { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} فانشرحَ صدرُه للإسلامِ العظيمِ وقال: دُلُّوني على محمّد، ثمّ أتى دارَ الأرْقَم فإذا على بابِه حمزةُ وطلحةُ وبعضُ أصحابِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا علِمَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بِقدومِه خرجَ فأخذَ بِمَجامِعِ ثوبِه وحمَائلِ سيفِه ثمّ هزّه هزةً فمَا تمالَك عمرُ أنْ وَقع على رُكبتِه، فقالُ له النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: “ما أنتَ بِمُنْتَهٍ يا عمر؟” فقال: أشهدُ أنْ لا إلـٰه إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُه ورسولُه”، فَكَبَّرَ أَهْلُ الدَّارِ تَكْبِيَرةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

وهكذا نصِلُ إلى نهايةِ حلْقتِنا هذه لِنُحَدِّثَكمْ في الحلقةِ القادمةِ منْ سلسلةِ مُختصَرِ سيرةِ الخُلفاءِ الراشدين عنْ بعضِ مَناقِبِه وفضائِلِه رضيَ اللهُ تعالى عنهُ فتابِعونا وإلى اللقاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى