هل الصدقة الصادقة تطيل العمر؟

د. فريال عواد معوض
في زحمة الحياة وتقلّب أحوالها، تبقى الصدقة واحدة من أنبل الأعمال التي تزرع البركة في العمر والمال والنفس.. ليست مجرد عطاء مادي، بل قيمة روحية عميقة تصل بين السماء والأرض، وتُظهر صدق الإيمان وجمال الرحمة.
يروى أن الإمام الليث بن سعد، أحد كبار العلماء والفقهاء في عصره، كان يتاجر في العسل.
وذات يوم رست سفينته محمّلة ببراميل العسل، فجاءته امرأة عجوز تحمل وعاءً صغيرًا، تطلب منه قليلًا من العسل.
فرفض طلبها، ومضت في طريقها.
لكن ما إن انصرفت حتى أمر مساعده بأن يبحث عنها ويأخذ لها برميلًا كاملًا من العسل!
تعجّب مساعده وقال: “يا إمام، لقد طلبت كمية صغيرة فرفضت، وها أنت الآن تعطيها برميلًا كاملًا؟”
فأجابه الليث قائلاً:
يا فتى، إنها تطلب على قدرها، وأنا أعطي على قدري.
عبارة تختصر معنى العطاء الحقيقي، فالمتصدق لا ينفق ليمنّ، بل لأنه يدرك أن صدقته تقع في يد الله قبل يد الفقير، ولذلك تكون لذة العطاء أعظم من لذة الأخذ.
ولعنا ندرك أن الصدقة ليست مجرد فضيلة فقط، بل منهج حياة يفتح للإنسان أبواب الخير في الدنيا والآخرة.
وقد وردت في النصوص الشرعية والعلمية فوائد كثيرة للصدقة، نذكر منها أبرز عشرين فائدة، لعلّها تذكير للغافلين وتشجيع للمحسنين:
- باب من أبواب الجنة.
- من أفضل الأعمال الصالحات، وأفضلها إطعام الطعام.
- تظلّ صاحبها يوم القيامة وتفكّه من النار.
- تطفئ غضب الرب وتخفف حرّ القبور.
- خير ما يُهدى للميت ويربيها الله عز وجل.
- تطهّر النفس وتزكّيها وتضاعف الحسنات.
- تبعث السرور في قلب المتصدق وتنير وجهه يوم القيامة.
- أمان من الخوف يوم الفزع الأكبر.
- سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات.
- من علامات حسن الخاتمة وسبب لدعاء الملائكة.
- المتصدق من خيار الناس وله أجر عظيم.
- المنفق محبوب من الله ومن عباده.
- أمارة على الكرم والسخاء.
- سبب في استجابة الدعاء وكشف الكرب.
- تدفع البلاء وتسد سبعين بابًا من السوء.
- تزيد في العمر والرزق والمال والنصر.
- علاج ودواء وشفاء.
- تمنع الحرق والغرق والسرقة وميتة السوء.
- أجرها ثابت حتى على البهائم والطيور.
- تزرع السعادة في الدنيا والنور في الآخرة.
أن من أعظم أنواع الصدقات في عصرنا، نشر الخير والمعرفة، فكل من يشارك هذه الكلمات أو يعمل بها أو يعلّمها لغيره، ينال أجر الصدقة الجارية بإذن الله.
جعلني الله وإياكم – أحبتي – من المتصدقين الصادقين الذين يزرعون الخير في حياتهم وأعمارهم.



