
خوارم مفردها خارم، من خرم الشيء إذا شقه وقطعه.
وهو ماينقص به الشيء، جاء في كتاب: معجم لغة الفقهاء: (1/201): “خوارم العدالة، وخوارم المروءة، أي: ماينقص العدالة والمروءة ويسقط الشهادة .
والإنسان السوي لايحب أن تنقص عدالته أومروءته،ولاتسقط شهادته،فتقل منزلته بين الناس وتسقط هيبته، ولا يذكره الناس إلا بخير.
جاء في كتاب: شرح زاد المستقنع للشنقيطي:155/11 “والمروءة أن يكون الإنسان في أكمل وأحسن الأحوال التي تليق به في خاصته،فالعالِم له وضع، وطالب العلم له وضع، وعامة الناس لهم وضع. ولهذا قيل في كتاب: “اللباب في قواعد اللغة وآلات الأدب النحو والصرف والبلاغة والعروض واللغة والمثل (1/295): “من المروءة اجتنابُك ما يشينك واختيارك ما يزينك”.
وقال في كتاب: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك (2/268): لعبد الرحمن بن حسان، وقَيلَ لرجل من بني قريع، كما في كتاب: المروءة (1/109) وقيل في كتاب “شرح الأشمونى لألفية ابن مالك “2/18: للمخبل السعدي في ملحق ديوانه ص324:
إذا المرء أعيتهُ المروءة ناشئًا … فمطلبها كهلاً عليه عسيرُ
وقال الشافعي رحمه الله، في كتاب “المروءة وخوارمها 68” : لو علمت أن الماء البارد يلثم مروءتي لما شربته. ومثله قول عبد الملك بن مروان: لو علم مصعب بن الزبير، أنَّ الماء يفسد مروءته ما شربه. المصدر السابق: 121 .
وخوارم المروءة كثيرة جدًّا . وسنقتصر منها على:
الأكل في السوق.
ومنها: أن يفعل الإنسان ما أبيح له أو ارتكبه سِرًّا ويتحدث به أمام الناس جهرًا.
ومنها: الْبَوْل في طَرِيقِ المسلمين.
ومنها: الجلوس في الأسواق والطرقات لرؤية من يمر من النساء.
ومنها: حلق اللحية .
ومنها: خروج الإنسان من بيته إلى السوق كاشفا عن رأسه وصدره، أو لابسًا سرواله وفنيلته.
ومنها: أن يذهب إلى المسجد بملابس النوم.
ومنها: فحش القول .
ومنها: قضاء الحاجة أمام الناس وهو يتكلم مع غيره من غير ضرورة أو من غير ستر.
ومنها: كثرة المزاح .
ومنها: اللهو .
ومنها: مضغ العلك أمام الناس.
ومنها: يضحك بحضور أناس ينبغي الحشمة معهم.
ومنها: يمد رجليه وهو جالس أمام أهل العلم، وأهل الفضل، ويفعل ما يشاء.
فنقول وبالله التوفيق:
الأكل في السوق .
ومن خوارم المروءة: الأكل في السوق أو الشارع، جاء في “شرح زاد المستقنع للشنقيطي: “فقد يأتي شخص ويأخذ طعامه ويضعه في فمه أمام الناس، فهذا لا يمكن أن يقبل من عالم أن يأتي أمام الناس ويأكل إلا في أمور مستثناة. إلى أن يقول: يأتي السوق ويكشف رأسه، أو يجلس في وسط السوق ويأكل، وفي أثر ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه: «الأكل في الأسواق دناءة» عيون الأخبار (3/236). وفي كتاب: الإمتاع والمؤانسة 1/299): قال رجاء بن سلمة: “الأكل في السّوق حماقة”. “لأنه إذا تحمل ثم أكل في السوق أنحط مع السفل ولم تقبل شهادته”. كتاب “فص الخواتم فيما قيل في الولائم: 16”. وقال الشيخ محمد بن صالح المنجد، في: سلسلة الآداب الإسلامية: “خصوصًا الذين يأكلون السندوتشات وهم يمشون في السوق، أو في الأسواق والشوارع، لا شك أن فيه شيء من الدناءة وقلة المروءة”. وفي كتاب “شرح حدود ابن عرفة (1/454): “وَالْمُرُوءَةُ هِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرْكُهُ مِنْ مُبَاحٍ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا كَتَرْكِ الِانْتِعَالِ فِي بَلَدٍ يُسْتَقْبَحُ فِيهِ مَشْيُ مِثْلِهِ حَافِيًا، وَعَلَى تَرْكِ مَا فِعْلُهُ مِنْ مُبَاحٍ يُوجِبُ ذَمَّهُ عُرْفًا كَالْأَكْلِ عِنْدَنَا فِي السُّوقِ أَوْ فِي حَانُوتِ الطَّبَّاخِ لِغَيْرِ الْغَرِيبِ”. وجاء في كتاب “عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري 1/53”: قال عطاء: رأيت سعدون يَتَفَلَّى ذات يوم في الشمس فانكشفت عورته فقلت له استرها أخا الجهل فقال: أمالك مثلها ؟ واستتر، ثم مر بي يومًا وأنا آكل رمانًا في السوق، ففرك أذني وقال من الجاهل أنا أم أنت ؟ ثم قال:
أرى كل إنسان يرى عيب غيره … ويعمى عن العيب الذي هو فيه
وما خير من تخفى عليه عيوبه … ويبدو له العيب الذي لأخيه
وفي كتاب “حياة الحيوان الكبرى 2/225″ : ويزيد بن مزيد الهمداني الصنعاني الدمشقي، طلبوه للقضاء فقعد يأكل في السوق فتخلص بذلك منهم” .
ولذا فكان من العيب على الرجل الزهراني قديمًا أن يأكل في السوق أمام الناس، ويعتبرونه دُونًا من الرجال ولا يقبلون شهادته.
جاء كتاب: روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار (1/244) “وسئل أبو حنيفة عن السّفلة فقال: هم كفّار النعمة … وعن محمد بن الحسن: هم الذين يأكلون في الطرقات”.
ومنها: أن يفعل الإنسان ما أبيح له أو ارتكبه سِرًّا ويتحدث به أمام الناس جهرًا .
وهُم الَّذِينَ جَاهَرُوا بمَعَاصِيهم،وأظْهَرُوها، وكَشَفُوا مَاسَتَر اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْها فَيَتَحدَّثون بِها أمام الملأ وكأنهم يفتخرون بما صنعوا ولا يرون في ذلك بأسا.
جاء في كتاب”تهذيب اللغة15/205″: وسُئل آخر عَن الْمُرُوءَة، فَقَالَ: “الْمُرُوءَة ألاّ تفعل فِي السّر أمرًا وَأَنت تَسْتَحِي أَن تَفْعله جَهْرًا” .
وفي صحيح البخاري (8/20) : 6069 – حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِح وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» .
وقال الشيخ عائض القرني، في أحد دروسه: ولذلك بعضهم يتمدح، إذا فعل أفاعيل سرد تاريخه على الناس، حتى بعضهم إذا سافر مثلاً إلى أوروبا أو إلى بعض المدن المتهتكة فأتى يذكر ويقول: كنا نفعل كذا، وكنا نفعل كذا، وهذا من المجاهرة .
ومنها : الْبَوْل في طَرِيقِ المسلمين .
وهم الذين يعمدون إلى قارعة الطريق ولا يتنحّون عنها، أو تحت ظل شجرة وارفة يستفيد الناس من ظلها ثم يؤذون المسلمين بالتغوط في مثل هذه الأماكن التي هي في طريقهم .
جاء في: أرشيف ملتقى أهل الحديث- 1 (52 / 452): “تحريم التبوّل والتغوّط في كل مكان يتأذّى الناس فيه، لقوله تعالى{إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا …. الآية} وقد حرم الإسلام ذلك، وفي الأماكن التي يجلس فيها الناس ويرتادونها مثل أماكن النزهة، وشطوط الأنهار، وطرق المسلمين، وتحت ظلال الأشجار، لِمَا ورد في صحيح مسلم (1/226) : 68 (269) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ابْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» .
وجاء في: سنن أبي داود (1/7) : 26 – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبُو حَفْصٍ، وَحَدِيثُهُ أَتَمُّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْحِمْيَرِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ» [حكم الألباني] حسن. فمثل هؤلاء لا خلاق لهم، وماذا عليه لو ابتعد عن هذه الأماكن التي يستفيد الناس منها.
وفي الاستنجاء وأحكام التخلي، في الطريق والظل ووسط المقابر واتجاه القبلة، يقول الشاعر في أرشيف ملتقى أهل الحديث- 4 (37/417):
حرم التبول في الطريق وظله ** وسط المقابر سنة الشيطان
كره التبول في قبالة قبلة ** مستدبرا أيضا من الهجران
بثلاثة الأحجار نجو أو بما ** لا العظم لا روث من الحيوان
وقال العلماء: من جلس يقضي حاجته وكلّم غيره من دون ضرورة؛ فإنه ساقط المروءة، أي: لا مروءة عنده- والعياذ بالله – وساقط المروءة لا تقبل شهادته.
وفي: أرشيف ملتقى أهل الحديث – 5 (54 /164): وكل ما يحط من قدر الإنسان في العُرف الاجتماعي الصحيح، مثل التبول في الطريق، وكثرة السخرية والاستخفاف وغيره، مما خرج عن العرف، يعتبر من خوارق المروءة .
ومنها: الجلوس في الأسواق والطرقات لرؤية من يمر من النساء.
جاء في: صحيح البخاري (3/132) : 2465 – حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المنْكَرِ» .
هذا هو الهدي النبوي في مَن يجلس في طريق المسلمين، إمَّا أن يلتزم بما ورد في الحديث الشريف، وإلاّ فلا له الحق في القعود على الطرقات لإيذاء المارة.
وفي كتاب ” الكامل في اللغة والأدب 1/240″: وقال عليه الصلاة السلام: “اجتنبوا القعود على الطرقات، إلا أن تضمنوا أربعًا : رد السلام، وغض الأبصار، وإرشاد الضال وعون الضعيف”.
وفي كتاب “ربيع الأبرار ونصوص الأخيار2/26″ : كتب بريد أصبهان إلى محمد بن عبد الله بن طاهر: أن فلانا يلبس الخرلخّية؟ ويجلس للنساء في الطرقات، فكتب محمد إلى يحيى بن هرثمة، وكان والي أصبهان، أشخص إلي فلانا و(جر) لحيته ..” . لعلها و”جز” لحيته.
وفي كتاب “الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي 1/111”: قال مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، ثنا جَرِيرٌ، قَالَ : «رَأَيْتُ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ يَبُولُ قَائِمًا فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ» . لأنه يرى والله أعلم أن مثل هذا الفعل يسقط عدالة الرجل. ولا ينبغي الكتابة عن ساقط العدالة .
وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ وَالشَّاهِدُ مُجْتَنِبَيْنِ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ نَحْوِ التَّبَذُّلِ، وَالْجُلُوسِ لِلتَّنَزُّهِ فِي الطُّرُقَاتِ، وَالْأَكْلِ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَصُحْبَةِ الْعَامَّةِ الْأَرْذَالِ، وَالْبَوْلِ عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقَاتِ، وَالْبَوْلِ قَائِمًا، وَالِانْبِسَاطِ إِلَى الْخُرْقِ فِي الْمُدَاعَبَةِ وَالْمِزَاحِ، وَكُلِّ مَا قَدِ اتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ نَاقِصُ الْقَدْرِ وَالْمُرُوءَةِ، وَرَأَوْا أَنَّ فِعْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ، وَيُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ” .
وجاء في كتاب “مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 26/173: “وألْحَقَ بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة: ككثرة المزاح، واللهو، وفحش القول، والجلوس في الأسواق لرؤية من يمر من النساء ونحو ذلك”.
ومنها: حلق اللحية .
وهي زينة الرجال، وغاية الكمال، ومن الفوارق بين النساء والرجال، وكانت من العلامات التي يعرف بها الصحابة رضوان الله عليهم، قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الصلاة. فقد روى البخاري في صحيحه (1/150): عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ : قُلْنَا لِخَبَّابٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالَ: «بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ». (أي باهتزاز شعر لحيته) للدلالة على إعفائها ولو لم تكن كذلك لما اضطربت.
وجاء في كتاب: الكامل في اللغة والأدب (2/86): وكان قيسٌ بن سعد بن عبادة، سناطًا (أي لا لحية له) فكانت الأنصار تقول: لوددنا أنا اشترينا لحيةً بأنصاف أموالنا.
وبعض الشباب يكون وجهه ذا نضارة، وإذا حلق ذقنه لا تفرق بينه وبين المرأة من ناحية الوسامة والجمال، ولهذا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ، في لسان العرب (10/424): وقد رأى وَلَدًا مَلِيحَ الصُّورَةِ وَفِيهِ تَأْنِيثٌ:
قُلْ لِلَّذي كَادَ، لَوْلَا خَطُّ لِحْيَتِهِ … يَكُونُ أُنثى عَلَيْهِ الدُّرُّ والمسَكُ
هَلْ أَنتَ إِلا فَتَاةُ الحيِّ إِن أَمنوا، … يَوْمًا، وأَنْتَ، إِذا مَا حَارَبُوا، دُعَكُ؟
وجاء في: صحيح البخاري (7/160) :5892 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَالِفُوا المشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ».
وورد في كتاب: البرصان والعرجان والعميان والحولان(1/514): وقالت عائشة : «والذي زيّن الرجال باللّحى». وسمعت من الأجداد رحمهم الله قولهم: سبحان من زين الرجال بلحاها والجبال بحياها.
وفي كتاب: الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام (1/444) : “وَأما حلق اللِّحْيَة فتشويه ومُثْلَة لَا يَنْبَغِي لعاقل أَن يَفْعَلهَا بِنَفسِهِ” .
وقال الألباني رحمه الله، في: آداب الزفاف في السنة المطهرة (1/207) : حلق اللحى: الخامس: ومثلها في القبح – إن لم تكن أقبح منها عند ذوي الفطر السليمة – ما ابتلي به أكثر الرجال من التزين بحلق اللحية بحكم تقليدهم للأوربيين الكفار، حتى صار من العار عندهم أن يدخل العروس على عروسه وهو غير حليق!
وفي كتاب : فتح القدير للكمال ابن الهمام (10/271): وَفِي اللِّحْيَةِ الدِّيَةَ.
وكذلك في كتاب: العناية شرح الهداية (10/281) : أَنَّ اللِّحْيَةَ فِي وَقْتِهَا جَمَالٌ، وَفِي حَلْقِهَا تَفْوِيتُهُ عَلَى الْكَمَالِ فَتَجِبُ الدِّيَة.
وهنّأ بعضهم بخروج اللحية، ومما قال: الحمد لله الذي كساك باللحية حلة الوقار ورداك بها رداء ذي السمت من الأبرار والأخيار، وصانك عن ميسم الصبا ومطامع أهل الهوى، ما جللك من اللحية البهية وألبسك من لباس ذوي اللب والروية، وألحقك في متصرفاته بمن يستقل بنفسه ساعيا ويستغني عمن صحبه حافظًا، وجعلك بما جمل من صورتك وكمل من أداتك وآلتك قرنًا لمن جاذبك وخصمًا لمن نازعك، ونفى عنك ذلة الاحتقار من أهل المراتب والأخطار.. إلى أن قال: ولو كان عاريا من هذه الكسوة الشريفة والحلية النفيسة لسبقت إليه بالازدراء الأعين، وبالاستصغار القلوب والألسن، وبالطمع أصناف الحيوان من البهيمة والإنسان ثم لا يحسن من نفسه قوة على الدفع عنها ولا من حريمه قدرة على ما يدهاه منها وتلك نعمة من الله حباك بمزيتها في جمال غشاك وكمال أتاك فليصدق بها اعترافك وشكرك، وليحسن ثناؤك ونشرك قضاءً لحق الله عليك واستدرارًا للمزيد في إحسانه إليك..انظر: ديوان المعاني(1/101)،و صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (9/77) .
وفي: شرح زاد المستقنع (26/42) : وكذلك إذا حلق لحية غيره ولم ترجع كأن يعطيه دواءً فيذهب اللحية فلا ترجع فحينئذ ففيه دية كاملة . والأدلّة على إعفائها كثيرة جدًّا .
وكان مسح اللحية عادة حسنة عند الأوائل من زهران وغيرهم، فإذا قال أحدهم قولا أو وعد وعدًا، قيل له اربط (امسح) على لحيتك، فكان مسحه للحيته وفاء لذلك الفعل. وهي عادة عند العرب من قديم الزمان عند الصلح وغيره. قال الأسعر بن مالك الجعفيّ، في سمط اللآلي في شرح أمالي القالي (1/450):
مسحوا لحاهم ثم قالوا سالموا … يا ليتني في القوم إذ مسحوا اللحى.
للحديث بقية ..