مقالات

قسوة العقار على الأرامل والمطلقات

Listen to this article

أ. سَحمة العمري

في ظل جهود الدولة وقيادتها الحريصة على دعم الفئات الأَولى بالعناية، تتزايد – للأسف – ممارسات غير إنسانية من بعض مكاتب تأجير العقارات، تطال شريحة الأرامل والمطلقات، وتمنعهن من الحصول على حق أساسي من حقوق العيش الكريم: السكن.

فما إن تتقدّم امرأة مطلقة أو أرملة إلى مكتب عقار لطلب استئجار وحدة سكنية، حتى يكون الرد الجاهز: هل أنتِ موظفة؟ نحن لا نؤجّر لمستفيدات الضمان!

بهذه العبارة القاسية، يُغلق الباب في وجه من لم يمنحها القدر إلا مسؤوليةً مضاعفة، تقوم فيها بدور الأب والأم، وتعيل أبناءها دون سند، سوى دعم الدولة، وإيمانها بحقها في الحياة الكريمة.

ولعل الأخطر من هذا الاشتراط، هو النظرة الدونية التي تُرمى بها هذه الفئة، وكأن كونها “مستفيدة من الضمان” يُفقدها أهليتها للعيش في مساكن محترمة أو يجعلها غير جديرة بالثقة.

أنا وغيري نتساءل ونسأل أين النظام من ذلك؟

نظام “إيجار” الصادر عن وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، لا ينص على اشتراط التوظيف كشرط للتأجير، كما أن العقود الموحدة في المنصة لا تفرق بين مستأجر وآخر بناءً على مصدر دخله.
ومع ذلك، لا تزال بعض المكاتب تضع هذا الشرط دون مرجعية نظامية، مستندة فقط إلى رغبتها في “ضمان الدفع”، متجاهلة خيارات أخرى مثل الضمان البنكي أو الكفيل أو الدفع المقدم.

ما يمكن لي القول إن هذه التصرفات تثير جملة تساؤلات قانونية وأخلاقية، خاصة إذا ما وُجهت لمستفيدي الضمان بطريقة تنطوي على تحقير أو تقليل، مما قد يندرج – بحسب بعض المختصين – تحت طائلة التمييز والتعسف في المعاملة، ويستوجب التدخل الرقابي من الجهات المختصة.

 سؤال للجهات المعنية إلى متى يُرفض السكن بسبب الراتب..؟

في وطنٍ يبذل الغالي والنفيس لتمكين المرأة، ورعاية الفئات المحتاجة، لا يصح أن تكون نظرة بعض مكاتب العقار بهذه السطحية والجفاء.
الدعم الحكومي لمستفيدي الضمان ليس ضعفًا، بل هو صمام أمان اجتماعي يجب أن يُحترم، لا أن يُستخدم كذريعة للرفض أو التمييز.

لعلي أختم موضوعي هذا برسالة إلى الجهات المعنية..؟

أطالب الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، وبرنامج “إيجار”، بوضع ضوابط تمنع التمييز ضد مستأجرين بناءً على حالتهم الاجتماعية أو مصدر دخلهم، وإلزام المكاتب بقبول الطلبات وفق معايير واضحة، مع إيجاد حلول مثل:

  • الضمان البنكي.
  • الدفع المقدم.
  • الكفيل الشخصي.
  • تحويل بنكي لحساب المؤجر.

هذه حلول تضمن حقوق المؤجر دون الإضرار بكرامة المستأجر، خاصة من النساء اللاتي فقدن المعيل، لكن لم يفقدن الكرامة ولا القدرة على العيش باستقلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى