مقالات

انعكاس المرايا..تشوه خلقي أم انسلاخ

Listen to this article

فاطمة بنت عبدالله الدوسري

عندما يخدش الزجاج، تصبح الرؤية ضبابية، وعند تشظي المرايا تصبح الصورة مشوهة، وبين والوضوح واللا وضوح غبش وعتمة، ليعيش المجتمع حالة الحيرة، بين الثبات والانزلاق.

غالبا تسعى المجتمعات إلى التفاعل ومعايشة الواقع تماهيا مع قناعاتها الدينية، والموروث الذي يشكل هويته من العادات والتقاليد التي تمثل أصالة ثقافته، وقدرة هذا المجتمع على الانفتاح على منافذ التغيير والتطور بطريقة محكمة وسلسة ومرونة عالية لتطويع المختلف، واستيعابه وتشكيله من الداخل ليناسب الواقع.

كلنا نعلم تأثير سكب الماء الساخن بشكل مفاجئ على أي شيء غمر بالثلج لسنوات طويلة، هذا مثال بسيط على ما يحدث من حولنا الآن، ومحاولة القفز على المشاعر الجمعية وفرض واقع غير مألوف بفضاضة.

وبكل شفافية ووضوح وملامسة للحقيقة من منظوري الخاص، أن ما نشاهده الآن من تسليع لجسد المرأة في مجتمعنا السعودي خاصة، والمجتمعات العربية والإسلامية بصورة عامة، يضع علامة استفهام ودهشة، يتعملق في داخلنا سؤال أصبح غصة، من الذي يشكل لوحتنا بألوانه؟، ما لذي يحدث؟ ما بال هؤلاء النسوة اللاتي نزعم أنهن تربين في وسط اجتماعي متدين ومحافظ، يتهافتن على الظهور بصور مزرية، بل مقززة أحيانا من أجل اثارة الطرف الآخر من معادلة الحياة. وزيادة عدد المتابعين من أجل التكسب المادي.

تقول الكاتبة آرييل ليفي: أن النساء اللواتي ينشرن صورًا مثيرة لأنفسهن بارتداء ملابس كاشفة للمفاتن والانخراط في سلوكيات بذيئة، هن في الحقيقة يمارسن ما يسمى بالتشييء الجنسي الأنثوي الذاتي.. وتؤكد أن ذلك السلوك يدعم الجنسنة والتقدير الذاتي المبني على المظهر الجسدي فقط، في ظاهرة تسميها ليفي «ثقافة السوقية الفجة»، بينما ترى بعض النساء ذلك السلوك كتمكين واستعراض للقوة الأنثوية.

بالنسبة لمجتمعنا ربما هن أعداد قليلة جدا لا ترتقي لتصبح صفة تعمم، ولكن الصور الإعلامية عبر منصات التواصل تغلب وتضخم، وتحدث ذلك التشوه الخلقي لدى فئة مازالت تتعرف على المجتمع وماهيته.

فالرقص والتغنج وإظهار المفاتن وبمساندة أسرية من أجل الكسب المادي، تهيئ لثقافة مجتمعية مقلقة جديدة.

وبعد أن أصبح أصحاب المال يستمتعون عن قرب بتلك التفاحة المحرمة قبل فترة من الزمن ويجاهرون، فهم يزينون بها صدر مجالسهم ويقدمونها في احتفالاتهم لتثير وتجذب، وكونها من الديار فهي صيد ثمين لهم ونادر. مما يجعلنا نصادق على رأي “دينيس براجر”: (أن الرجال موجهين فطرياً للاستثارة بصرياً). وهم في الغالب يمتلكون المال.

ما نراه الآن على مواقع التواصل من مقاطع فيديو تقوم من خلالها سيدات وفتيات بنقل تفاصيل حياتهن اليومية إلى موقع اليوتيوب والسناب شات والآفة الجديدة التيك توك، بطريقة تعزز تسليع جسد المرأة عبر تمرير محتوى تافه وغير مفيد يرتكز غالبا على مبدأ الإغراء، حيث يلجأن إلى الإثارة من خلال تسويق وتسليع للذات ويساهمن في تكريس صورة نمطية عن النساء مرتبطة بالإيحاءات الجنسية.

لا نهمش من يعترض ولكن؛ “الحرة تجوع ولا تأكل بثديها” هناك كرة ثلجية قادمة، في عجاج وقت مشوه خلقيا اختلطت في المفاهيم، أمام نشء أحيط بهم ونحن بمعيتهم، زمن لا تجدي فيه سياسة النعامة.

فمن السيء أن نرى الأمر “عادي”، فهذه الكلمة عندما لا نجيد قراءتها وأسلوب توظيفها في ثنايا الحديث قد تجرنا إلى متاهة لا نعرف مداها.

فليس عاديًا أن نجلس دائما في صفوف المتفرجين ونصفق ببلاهة حتى لا نتهم بالتخلف، أو عدم تقبل الاختلاف والحرية الفردية، وليس عاديًا أن نجاري زيف الواقع وكثرة البلبلة،

وليس عاديا أن نظهر الوعي وفي الحقيقة نحن لا نعي، 

وليس عاديا أن نتنازل عن هويتنا وأصالة مبادئنا وقيمنا الدينية بداعي التغيير،

نتعلم، نتطور، ننمو، نقود سياراتنا، نحصل على حقوقنا، نكبر بذواتنا وحرياتنا ولكن لا نثلم الحياء، وهو شعبة من الإيمان، ولا نقبل سلوكا شاذا من أجل ألا نتهم أننا نكرس لسياسة القطيع.

ومضة

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها)

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. المقال أكثر من رائع في فكرته وأسلوبه وواقعيته فلا جف قلم محابره الدرر🌹

  2. مقال رائع يابنت الريف وفقك الرحمن . والله يحفظ بناتنا وبنات المملكة والمسلمين وفعلا اذا لم تستحي فاصنع ما تشاء . والآن دور الاسرة لابد من توجيها ابناؤها الي الطريق الصحيح. حفظ الله بلادنا وجميع بلاد المسلمين. 

زر الذهاب إلى الأعلى