عصيدان وزهران العناصي في حرب العصملّي العاصي

عثمان بن احمد الزهراني
عصيدان الشيخ الماجد قدوة الأماجد
شيخ قبيلة بني حسن من قرية شبرقة موطن العراك ومحرقة الأتراك
عصيدان إِسمٌ لامع في المجامع، يطحن كل معتدٍ وطامع، شديد الحراك، قامع الأتراك، بأسه شديد، وراشد رشيد.
قوله للأَعداء وعدٌ ووعيد، وتنديد وتهديد، أَحبّته القلوب، وسكن حُبَّه في سويداء رجاله إِنْ تحدّث إِليهم اطرقوا الرؤوس وإن زمْجَرَ بالحرب لبسوا التروس ورفعوا الفؤوس، يرون في حكمة قائدهم وشيخهم الفأل والانتصار والفخر والافتخار
إِذا دعاهم أَجابوه وإِذا رأَهُ العدو هابوه
إِنه عصيدان الإِقدام والشجاعة والبطولة
كان يرى الجَمَالْ في رِجاله في سمعهم وطاعتهم وبأسهم وصبرهم وصدقهم ووطنيتهم ورفضهم التبعية المقيتة لعسكر الباشا ولسان حالهم جميعاً اِمض بنا على بركة الله لن نعصي لك أَمراً، فيبتسم لنظرائه وعشرائه من شيوخ زهران فيبعث فيهم الطمأنينة ويتلو عليهم (سيُهْزَمُ الجمْعُ ويُولّون الدُّبُر) ويردد (وإِنّا فوقهم قاهرون).
الأَتراك الغزاة ليس لهم همٌّ إِلاّ جمْع الزكوات والأتاوات والضرائب غير الشرعية، وكانوا يستخدمون مشائخ القبائل ضد بعضهم البعض وكانوا يهددون القبائل لمن يمتنع عن ذلك فيحرقون الزروع والبيوت وينشروا الرعب بين الناس فهم يمتلكون سلاح متطور وجيش مدرب منظم ولسان حالهم الاستعلاء والكبرياء والغرور جاءوا لبلاد زهران وغامد فأكثروا فيها الفساد.
**مولده ونشأته
اسمه: -عصيدان بن محمد بن صالح بن غائب ابن بشيتي بن عمر العضاة القحفي الحسن الزهراني.. ولد بقرية شبرقة عام ١٢٥٣هـ ونشأ يتيماً وترعرع في بيت المشيخة فعمه عصيدان الأول الرائد القائد المولود سنة ١١٩٦هـ كان له اتصال بالأَمير بخروش بن علاس الزهراني في دحض الأتراك في معركة قريش الحسن عام ١٢٢٩هـ إِبان الدولة السعودية الأولى.
وبعد وفاة عمه الذي قُتِل غدراً ذهب مع أَخويه حسن وسعيد الى شيخ دوس عطيه بن خضران.
استفاد من مجلس خضران وجلسائه وسمته وحسن خلقه وتعلم بعض مبادئ ادارة شؤون القبيلة وكيفية حل القضايا العظام سيما وكانت تحكم القبائل في تلك الحقبة العادات القبلية والأعراف والصلح وكان فارساً يمتطي ظهر الخيل الذي ورثه عن عمه.
**توليه المنصب (المشيخة)
تولى مشيخة بني حسن في العقد الثالث من عمره في ظروف سياسية واجتماعية مضطربة فهناك حكم الأتراك بعسير والأشراف بمكة والادريسي وآل عايض بالجنوب، وبداية الدولة السعودية الثالثة.
وكل هذه القوى تود ضم قبيلة زهران لسلطتها وكان حكمهم صوري لبلاد زهران وغامد وكانت القبائل أَنذاك تدين لمشائخها.
وبحكمة الشيخ عصيدان استطاع ان يقود سفينة قبيلته الى برَّ الأمان رغم العواصف والأعاصير الطاحنة في تلك الحقبة العصيبة.
**أَهمّ معارك الشيخ عصيدان مع الأتراك:
في القرن العاشر الهجري دخلت الحجاز تحت نفوذ الإمبراطورية العثمانية وبقيت ثلاثة قرون تحت امرة الأشراف من قبل العثمانيين (٩٢٣- ١٢١٨هـ)
وكانت هذه الأمبراطورية العثمانية ذات اتجاه سلبي نحو العرب بعامة وكانت من أَكبر المناوئين للدعوة السلفية التي وصلت بلاد زهران وغامد عام١٢١٢هـ
ومن المعروف أَن بلاد زهران وغامد ثرية بخيراتها الزراعية والحيوانية لذا حرص الأشراف والعثمانيون في الحجاز على السيطرة عليها
كان عام ١٣٢١هـ يكتنف أَهم حدث للقائد عصيدان إِنها المعركة الفاصلة التي طردت الأَتراك من بلاد زهران وغامد فهي بحق (تاج المعارك) بدأت فصولها بضواحي قرية شبرقة لمدة ثلاثة أيام ١٢-١٣-١٤ من العام١٣٢١هـ
فقام القائد المحنك برسم خطته الحربية على شرفات وشعاف الجبال فهو يعلم أَن الأتراك سلاحهم مطور وجيشهم مدرب لكن هيهات لم يدرك الأتراك من سيقابلون ولم يستفيدوا من الدرس القاسي من الأمير بخروش الزهراني قبل ٩٣عام فلا زالت كبرياء الأتراك وحماقتهم وأَخذ الثأر يحدوهم للقتال ولكن هذه المرة سيسقطون بين كماشة عصيدان ونيران رجاله.
**وصف المعركة
يقود الجيش التركي أَركان وضباط وفرق اقتحام وقناصه وخياله ومدافع وبنادق متطورة وجيش مدرب وامدادات احتياطيه فهي إمبراطورية زمانها وجيش عصيدان مزارعون ورعاة معهم السلاح الأبيض والبنادق والبارود.
لكن عدوهم التركي نسي أن سلاحهم الأعظم الإيمان الذي وقر في قلوبهم وموقنون أن النصر مع الصبر وما النصر الا من عند الله.
بنى الاتراك سورًا كمصدّ لنيران زهران ووضعوا عليه متاريس ومن خلفه المدافع في أعلى جبل (البراقه) شرق شبرقة فهو يشرف على القرى القريبة وكانت خطتهم احراق هذه القرى بمن فيها.
ثم تنادى شيوخ قبائل زهران والتفوا حول القائد عصيدان التفاف العِقْد بالعنق وهذا دليل حبهم لهذا الرجل رحمه الله فالحرب الآن على مشارف قرية القائد وهو يعرف جغرافيتها جيدًا فقد رسم خطته الحربية.
فجعل قبائل (بني جندب وبشير) على جبل النصيباء و(قريش وبني عدوان) في جبل عنبسه و(بني كنانه وبني حسن وبالخزمر) في المناصب والعُرُشْ وعاهدوه على النصر أو الشهادة وبدأت المعركة وكان أول هجوم كاسح نحو السور.. أي المتاريس التي عملها الجيش العثماني من الصخور…؟ .
فوفِّقَ المقتحمون وهم من أشجع رجال زهران وكانوا من اغلب القرى فهدموا السور واستولوا على الذخيرة فهرب الغزاة بما خف معهم من السلاح.
و(اليوم الثاني) لحقوا بهم بقرية الموسى ثم القرن فيفرون كالجرذان من الموت الى الموت (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم) ثم اتجهوا صوب رهوة البر بغامد ووادي قوب واحتموا بحاميتهم في رغدان لكن قلوبهم انخلعت فلم تَعُد تجري الدماء في عروقهم ثم هجم عليهم رجال زهران وغامد فكانت القاضية للقائد إسماعيل باشا وضباطه ذق انك انت العزيز الكريم فغنموا الغنائم والحقوا بهم الهزائم وكان نصيب القائد الرائد عصيدان خيل الباشا وكثير من السلاح والغنائم
رحم الله عصيدان ورجاله فقد سطروا أَروع البطولات مع أَعْتى امبراطورية في زمانهم وهنا!!!!! انتهى حكم الأتراك وعنجهيتهم وعربدتهم في بلاد الزهرانيين والغامديين،
لقد ذهب الحمار بأمّ عمروٍ….
فلارجعت ولارجع الحمارُ
(أحداث في تأريخ المشيخة)
١- ذكر صاحب وثائق من التاريخ علي السلوك في الوثيقة السادسة والثلاثين:
انه في عام ١٣٢٨هـ وصلت وثيقة من الادريسي بواسطة النعمي الذي عينه الادريسي لإدارة شؤون زهران وغامد
الى عصيدان وبني كنانة وراشد بن رقوش باتفاقهما وان بني كنانة سراة وتهامة صاروا تحت حزب عصيدان.
**انضمام قبيلة بني حسن لموحد البلاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود رحمه الله.
وكانت زهران وغامد من أَوائل من قدم الولاء والطاعة للملك عبد العزيز وهنا احداث نذكر منها.
١- أرسل الملك عبد العزيز عندما وصل تربه سنة ١٣٣٧هـ وهي الوثيقة الثانية الى الشيخ عصيدان وقد قدم الولاء والطاعة لآل سعود.
٢- مقابلة عصيدان لخالد بن لؤي ممثل الملك عبد العزيز بتربه وتقديم الولاء والطاعة عام ١٣٣٨هـ,.
٣- عام ١٣٣٩ دعوة خالد بن لؤي لقبائل زهران للمشاركة في حملات توحيد المملكة وكان عصيدان ورجاله من لبوا الدعوة.
٤- كتابة الملك عبد العزيز عام ١٣٤٩ للشيخ احمد بن عصيدان تبين القواعد التي يجب ان يسيروا عليها لخدمة الدولة والمواطن.
٥- من بعد عام ١٣٤٠هـ ساهمت زهران وغامد في توحيد البلاد السعودية مع الملك فيصل في جنوب البلاد .
٦-دفع زكواتهم لجباة الدولة السعودية والالتزام بدفع حصصهم في الجهاد اثناء توحيد البلاد.
ونطلب من طلاب جامعة الباحة قسم التأريخ برامج الماجستير والدكتوراه بما في ذلك البحوث العلمية.
ان يجعلوا اطروحاتهم للقائد البارع عصيدان الذي قاد رجاله ضد العثمانيين فهو يستحق ذلك.
وان تسمى بعض الشوارع باسمه نظير ما قدم من بسالة لبلاده.
**وفاة الشيخ عصيدان
مرض رحمه الله أسبوعًا واحداً وتوفي عام١٣٥٣هـ
عن عمر يناهز المئة وقد اوصى ان يخرج من يتولى تكفينه ان يخرج يده اليمنى من الكفن ليتعض أهله وذويه انه خرج من الدنيا كما قدم اليها واستمر فيه العزاء ثلاثين يومًا لكثرة المعزين وصعوبة الوصول اليه في تلك الحقبة.
واحسب انه من الذين أمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب.
رحم الله عصيدان الإنسان الثآئر على التركي الجبان.
#صحيفة_أحوال