الثورة الإيرانية تبلغ نضجها

عاتقة خورسند*
يكشف استمرار الثورة عشية أسبوعها الخامس الستار عن طبقات الظواهر السياسية والاجتماعية المختلفة بالتماشي مع خط بياني آخذ في التصاعد لأفق الإطاحة بسلطة ولاية الفقيه، كاشفا لكل مستور وباعثا لأدبيات وفكر إسقاط الحكم، وشاملا لنطاقات أوسع في مدن إيران تواصلا وارتباطا بهذا الخطاب.
وبمرورٍ سريع موجز عن أسباب انتشار أدب وفكر خطاب الإطاحة بالنظام يقودنا إلى نتائج انتفاضة نوفمبر 2019، هذه الانتفاضة التي وضعت مثبتةً الختم النهائي على إعداد “الظروف الموضوعية” للمجتمع الإيراني،، وكل احتجاج وانتفاضة خرجت وتكونت من خارج الحكومة منذ ذلك الحين وحتى سبتمبر وأكتوبر من عام 2022، وكل صراع وانقسام توسع داخل السلطة كان إضافة مضاعفة لمقتضيات الشروط الموضوعية للإطاحة بالسلطة.
كانت عملية جاهزية ونضج الظروف الموضوعية والأرضية اللازمة للشرارة والانفجار الاجتماعي الذي أدى إلى انتفاضتي سبتمبر وأكتوبر 2022، هذا الانفجار الذي كان منذ بدايته وإنتشاره بترديد شعار وأصداء المطالبة بإطاحة السلطة.
وتعد تلك الظواهر السياسية والاجتماعية المختلفة التي تمت الإشارة إليها بشكل عام بما في ذلك الأزمات الاقتصادية والنقابات والاجتماعية المستعصية، والأزمات الثقافية بشكل خاص [مثل تغير الأجيال والاختلاف في قيمهم، وقضايا المرأة، والهجرة، وهجرة العقول، وغير ذلك…] ظواهر سياسية، وسبب التأكيد على الأزمتين الثقافية والسياسية هو ارتباطهما العضوي الحتمي بالحرية وذلك في الوقت الذي يكون فيه المجتمع بلا حرية ولا سلطة تصبح كل الأشياء والظواهر سياسية.
انفجر ثقل الأزمات المتراكمة في المجتمع الإيراني في نهاية سبتمبر وقرب أكتوبر 2022، وهي مؤشرات على الظروف الموضوعية للانتفاضة والنهضة من أجل الإطاحة بالسلطة مع ترابط التناقضات والأزمات المنفجرة.
وها قد تحولت الآن شعارات “الموت لخامنئي” و “الموت للديكتاتور” إلى شعارات “وطنية” ناضجة.
ويتم الآن إطلاق طاقات كبيرة باتجاه ثورة اجتماعية عظيمة مع كل ضربة تلحقها مدن الانتفاضة بجسد طلسم الكبت والاختناق.
وتميل الشعارات النقابية الشائعة الآن إلى جانب الصرخات المدوية بـ “الحرية، الحرية، الحرية”.
أما الناس الذين يعانون من آلام مشتركة ورغبة مشتركة وتعاون في الميدان فقد شكلوا الآن الجبهة الإيرانية الكبرى ضد المحتلين ولذلك أصبحت الشفرات السامة لشيطنة ملالي الرجعية الأشرار ضد معارضته بطيئة وعديمة الأثر، ومن ناحية أخرى فقد أصبحت الطبيعة اللاإنسانية لهذا النظام ودعايته طيلة 43 عاما عقابا ديناميكيا تلقائيا من وجهة نظر الشعب.
وتصبح الآن عملية المطالبة بالإطاحة بالنظام في كل مسار للثورة وكل درجة تصاعد وتنامٍ لها رغبة عامة مشتركةً ووطنيةً أيضا ويكتسب توسعها تسارعا تصاعديا.
والآن، ومع تقدم الثورة واحتدادها ضد نظام ولاية الفقيه برمته تم تشكيل ثلاث جبهات رئيسية: طليعة العاملين على الإطاحة بالنظام ونهجهم وخطهم الصارم ضد السلطة / البرجوازية التي ترصد اختطاف الانتفاضة وتحويلها إلى مسار مطالبهم بالأمور الفرعية والنقابية / سلطة الملالي.
والآن مع نضج واستمرار واحتداد الثورة من جهة، ودسائس ومؤامرات غُرف فكر النظام من خلال اللجوء إلى المناورات التافهة كالمطالبة بالحوار، والاهتمام بمطالب الشعب وغيرها، ومن جهة أخرى بلوغ الثورة مرحلة الدخول في مدار نوعي جديد، ومؤشر هذه المرحلة النوعية هو انتشار الخطاب الثوري المتعلق بالإطاحة بالسلطة في الجبهات السياسية والميدانية وعلى أرضية الشوارع، وكذلك الانعكاسات والاهتمامات الدولية، وهذا هو واقع القضية الرئيسية لأرض إيران في بداية الأسبوع الخامس للثورة الوطنية من أجل الحسم النهائي لإنهاء وجود سلطة ولاية الفقيه.
المصدر*: https://arabic.mojahedin.org/324485



