سيرة الخلفاء الراشدين

*سيّدُنا أبو بكر الصّديق*
*رضي اللهُ عنه*
الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين والصّلاةُ والسّلامُ على سيِّدِ الأوَّلين والآخِرين قائدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ إمامِ الأتقياءِ العارِفين سيِّدِنا وقائدِنا وحبيبِنا ونورِ أبصارِنا وقُرّةِ أعْيُنِنا محمّد النّبيِّ العربيِّ الأميِّ الأمين، ورضيَ اللهُ عنْ أمّهاتِ المؤمنين وآلِ البيتِ الطّاهِرين وعنِ الخُلفاءِ الرّاشدين أبي بكرٍ وعمرَ وعُثمانَ وعليّ وعنِ الأئمّةِ المُهْتَدين أبي حنيفةَ ومالكٍ والشّافعيّ وأحمد وعنِ الأولياءِ والصّالحين.
أمّا بعدُ، يقولُ اللهُ تعالى في كتابِهِ الكريم { مِنَ المؤمنينَ رجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عليه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ومنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِر وما بدَّلوا تَبْدِيلًا }
يُسْعِدُنا يا أحبابَنا الكرام أنْ نُقَدِّمَ لكمْ مُخْتصَرَ سيرةِ الخُلفاءِ الرّاشدين الأربعةِ الأُوَل المُبَشَّرينَ بالجنّةِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليّ رضيَ اللهُ عنهمْ، وهمْ أفضلُ البشرِ بعدَ الأنبياءِ عليهمُ السّلام وهمْ منَ السّابِقينَ الأوَّلين الذينَ مَدَحَهُمُ اللهُ تعالى في القرآنِ الكريم فقالَ سبْحانَهُ {والسّابقونَ الأوَّلونَ منَ المُهاجِرينَ والأنصار والذينَ اتَّبَعوهُمْ بإحْسانٍ رضيَ اللهُ عنهُمْ ورَضُوا عنهُ}
أحبابَنا الكرام نبْدَأُ سلسِلةَ مختَصَرِ سيرةِ الخُلَفاءِ الرّاشدين بالكلامِ عنْ أوَّلِهِمْ وأفضَلِهِمْ أبي بكرٍ الصّدّيق رضيَ اللهُ عنهُ وأرْضاه.
هوَ عبدُ اللهِ بنُ أبي قُحافةَ عثمانَ بنِ عامر، ويلتقي بِعَمودِ النّسَبِ الشّريفِ في مُرّةَ بنِ كَعب. أمُّهُ بنتُ عمّ أبيهِ أمُّ الخيرِ سَلمَى بنتُ صخر.
وُلِدَ بعدَ الفيلِ بنَحوِ ثلاثِ سنين. كانَ مِنْ رؤساءِ قريْشٍ وعُلَمائِهِمْ مُحَبَّبًا فيهمْ زاهِدًا خاشِعًا حَليمًا وَقورًا مِقْدامًا شُجاعًا صابِرًا كريمًا رؤوفًا رَحيمًا.
كانَ أبيضَ اللونِ نَحيفَ الجسمِ خفيفَ العارِضَيْنِ ناتئَ الجَبهةِ. أجوَدَ الصّحابةِ وأوَّل مَنْ أسلَمَ منَ الرّجالِ وعُمْرُهُ سبعٌ وثلاثونَ سنة.
عاشَ في الإسلامِ ستًّا وعشرينَ سنةً وأسلَمَ على يَدِهِ منَ العَشَرةِ المُبَشَّرين خمسةٌ هم: عثمانُ بنُ عفّان وطلحةُ بنُ عُبَيْدِ الله والزُّبَيْرُ بنُ العَوّامِ وسعْدُ بنُ أبي وقّاص وعبدُ الرّحمـٰن بنُ عَوْفٍ رضيَ اللهُ عنهُمْ.
وقدْ كانَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ رجلًا بكّاءً لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حينَ يَقرَأُ القرآن وكانَ أفضلَ الصّحابةِ وأذكاهُمْ.
ومِنْ فضائلِهِ رضيَ اللهُ عنهُ ما شهِدَ بهِ عمرُ بنُ الخطّابِ حيثُ قالَ “أمرَنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم أنْ نتصَدَّقَ ووافقَ ذلكَ مالًا عِنْدِي فقلْتُ اليوْمَ أسْبِقُ أبا بكرٍ إنْ سَبَقْتُهُ يوْمًا. فجِئتُ بِنِصْفِ مالي فقال لي رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: ما أبْقَيْتَ لأهلِكَ؟ قلتُ: مِثْلَهُ، وأتى أبو بكرٍ بكُلِّ ما عِنْدَهُ، فقالَ لهُ رسولُ الله: يا أبا بكر ما أبْقَيْتَ لأهِلِك؟ قالَ: أبْقَيْتُ لهمُ اللهَ ورسولَهَ، فقلتُ: لا أُسابِقُكَ إلى شىءٍ أبدًا”.
وعنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم “ما نَفَعَني مالٌ قطُّ ما نفَعَني مالُ أبي بكر، قال فبكَى أبو بكر وقالَ هلْ أنا ومالِي إلّا لكَ يا رسولَ الله”
وعنْ قيْسٍ قال “اشترى أبو بكرٍ بلالًا وهوَ مَدْفونٌ في الحِجارةِ بِخَمْسِ أواقٍ ذهَبًا، فقالَ المشرِكونَ لو أبَيْتَ يا أبا بكرٍ إلّا أوقِيّةً لَبِعْناكَ، فقالَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه: لوْ أبَيْتُمْ إلّا مائةَ أوقيّةٍ لَأخَذْتُهُ”
وهكذا نصِلُ إلى نهايةِ حَلْقَتِنا هذه لِنُحَدِّثَكُمْ في الحَلْقةِ القادمةِ منْ سلسلةِ مُخْتصَرِ سيرةِ الخُلَفاءِ الرّاشدين عنْ تَوَلِّيهِ الخِلافةَ رضيَ اللهُ عنهُ فتابِعونا



