
أحوال – مكة – لقاء أ / هشام نتو :
الباحثون هم مجموعة من المهتمين باكتشاف الأحداث التاريخية والأماكن والتعرف عليها وعلى الشعوب من خلال آثارهم بعد دراسة ما يكتشفونه. أما المغامرون فهم الأشخاص الذين يمارسون أنشطة مثيرة تنطوي على مخاطرة وتحدٍ في بيئات غير مألوفة أو غير تقليدية.
هناك باحثون ومكتشفون ومغامرون من نوع آخر، نوع تعلقت أرواحهم بحب ما يسعون إليه وشغفوا باكتشاف الأسرار والأحداث. مغامرون دافعهم حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم، شغفوا بحب السيرة النبوية ورغبوا في تحديد مسار درب هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوثيق أحداثها خدمة للأمة الإسلامية قاطبة، وتصحيح معلومات عن الهجرة النبوية. تكبدوا في رحلتهم المتاعب والصعاب وعاشوا الرحلة حقيقة وواقعاً ميدانياً وتطبيقاً.
هم باحثون ومكتشفون مختلفون عن غيرهم ممن سبقهم، وممهدون الطريق لمن يأتي خلفهم، فقد استمالت أرواحهم دراسة الهجرة النبوية فعاشوا أحداثها وواجهوا التحديات وتغلبوا عليها. عالجوا نقاط ضعفهم فزادهم ذلك حيوية ونشاطاً حتى تحقق مبتغاهم وظفروا بثمرة مجهودهم. لم يكن هدفهم الشهرة بقدر حرصهم على إثبات الحقائق وإبطال ما يعارض الثابت بالدليل والبرهان.
إنه فريق “أثر” المكون من: الدكتور الباحث والمستكشف والرحالة سمير أحمد برقة الذي أنجز ما يفوق عن 1700 رحلة في معالم النبوة، والشيخ البلداني عبد الحافظ القريقري صاحب كتاب “تهامة الحرمين” الذي قضى خمسين عاماً من عمره في الصحراء، والمهندس عمرو محمد درويش رئيس بلدية تبوك الأسبق، والأستاذ حسن عبد الشكور المتمكن من استخدام نظام GIS. أربع قامات مختلفة التوجهات العلمية اجتمعوا على حب الهجرة النبوية واكتشاف أسرارها من خلال التحقق من صحة دربها من خلال الأدلة المادية المتوفرة لديهم.
التقت – احوال – بالدكتور سمير وأجرت معه لقاء خاصاً حول رحلتهم الاستكشافية العلمية البحثية التي يقتفون فيها صحيح درب الهجرة النبوية.
د. سمير بن أحمد برقة: متخرج من جامعة الملك سعود بالرياض تخصص علوم سياسية وقد سبق لي العمل في وزارة الخارجية ثم التحق بشركة بترومين السعودية، ثم عمل في شركة سمارك وأخيراً في أرامكو حتى تقاعد وتفرغ لميوله التاريخية لدراسة معالم السيرة النبوية. \
خلال دراسته تأثر بحب أهل العلم بمكة المكرمة للسيرة النبوية وكان الأمر الذي استوقفه هو مسار درب الهجرة النبوية وما حصل فيها من معجزات وأحداث. قضى 20 سنة وأنجز ما يقارب 1700 رحلة لاستكشاف معالم ومسارات النبوة والغزوات.
احوال: ما السبب الذي دفعكم للقيام بهذه الرحلة والدراسة الكبيرة والعظيمة في نتائجها عن مسار درب هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
برقة: السبب الأول هو حبنا للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وشغفنا بالأحداث والمعجزات والغزوات النبوية. السبب الثاني هو وجود بعض الملاحظات على الدراسات السابقة لدرب الهجرة النبوية مثل دراسة الأستاذ الدكتور عبد الله قاضي والدكتور زهير نواب.
احوال: كيف بدأت الفكرة للدراسة التي قمتم بها؟
برقة: بدأت الفكرة من خلال الرحلات الاستكشافية التي كنت أشارك فيها مع بعض طلبة الجامعات. منها نشأت مجموعة استكشافية اسمها “مبادرة معاد” التي كان لها أثر عظيم في الحفاظ على كثير من الآثار التاريخية بمكة المكرمة مثل موقع ولادة النبي وبئر طوى ومسار الفتح.
احوال: من كان خلف “مبادرة معاد” من ناحية الدعم والتأييد؟
برقة: جميع ما قمنا به كان تطوعاً، وحظيت “مبادرة معاد” بدعم من إمارة منطقة مكة المكرمة وسمو أمير السياحة والآثار وسمو أمير منطقة المدينة المنورة.
احوال: هل استمرت “مبادرة معاد” في أعمالها؟
برقة: انتهى دور “مبادرة معاد” فيما يخص الأعمال التي أنشئت لها، ولكن بدأنا في إنشاء شركة غير ربحية بطابع رسمي تحت اسم “أثر” تهتم بطريق الهجرة النبوية ودرب الأنبياء وطريق القوافل التاريخي وطريق الحج العراقي والنجدي والمصري والشامي واليمني ودرب زبيدة.
احوال: كيف بدأت الدراسة وما الطرق التي استخدمتموها؟
برقة: بدأنا بكتاب الشيخ عبد الحافظ القريقري (تهامة الحرمين) وطبقناه على الواقع. تتبعنا أقوال أبطال الرحلة من النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة وعبد الله بن أريقط ومسعود بن هنيدة وأم معبد وسراقة بن مالك. قرأنا السيرة النبوية ودراستها ميدانياً. وضعنا معايير للدراسة كان أهمها (المعيار الأمني للرحلة) لأن الرحلة كانت سرية ومحفوفة بالمخاطر.
احوال: صف لنا كيف كانت رحلتكم الاستكشافية وكم استغرقت الرحلة حسب ما أثبتوه من خلال دراستكم لدرب الهجرة؟
برقة: طبقنا الرحلة على نفس نهج مسار الهجرة النبوية حيث بدأنا من بيت السيدة خديجة فبيت سيدنا أبي بكر الصديق وصولاً لسفح جبل ثور فالغار والبقاء فيه ثلاثة أيام ثم مغادرته. الرحلة استغرقت ثمانية أيام بلياليها. بدأت من سفح جبل ثور، وادي عرنة، الصخرة المعروفة بطريق الليث، طريق الساحل بجدة، العيينة، شمال جدة، الغولاء، قديد، أسفل قرية كلية، ثنية الكوثر، منطقة الخانق، الخرار، نويبع، العويجاء، الدميجا، حرة القصيبة، صخرة أكهى، وادي العرج، القاحة، الحلقة، سطح الغائر، ثنية ركوبة، وادي ريم، شعب الصهوة، ابيار الماشي، العصبة، ودخول الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة من جهة مسجد قباء.
احوال: من خلال وصفك لدرب الهجرة يتضح أن مسار درب الهجرة المعروف حالياً للرحالة ليس طريق الهجرة النبوية؟
برقة: نعم، الدرب المعروف حالياً هو درب الأنبياء وليس درب الهجرة النبوية.
احوال: هل الطريق السريع الحالي هو مسار تاريخي أو مجرد اسم فقط؟
برقة: الطريق السريع الحالي هو مجرد اسم وليس مسار تاريخي، يبدأ من مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها وينتهي بمسجد قباء.
احوال: عرف منذ عقود (رحلة الركب المكي) الذي كان ينطلق من مكة المكرمة في شهر رجب وصولاً إلى المدينة المنورة هل كانوا يسيرون على نفس درب الهجرة النبوية؟
برقة: الركب المكي كان يسير عبر درب الأنبياء وليس درب الهجرة النبوية.
احوال: الرحالة الذين شاركوا في رحلة الدراسة كيف استفدتم منهم وكيف كان انطباعهم للرحلة والدراسة؟
برقة: تعلمنا منهم الكثير، وقد كانت ردود أفعالهم إيجابية جداً.
احوال: خلال مسيركم عبر درب الهجرة النبوية هل طرأ اختلاف على الآثار والعلامات والأحداث التي حصلت أو موجودة به؟ وهل وجد اختلاف بين دراستكم وبين باقي الدراسات؟
برقة: درب الهجرة النبوية مازال محافظاً على آثاره في بعض المناطق، ووجدنا اختلافات بسيطة بين دراستنا وباقي الدراسات.
احوال: ما الذي دفعكم لخوض هذه المغامرة الاستكشافية لدرب الهجرة النبوية. وكيف كان تعاملكم مع الأدلة والبراهين التي توفرت معكم؟
برقة: شغف المغامرة وحبنا الفطري للآثار والسيرة النبوية. استخدمنا جميع الوسائط المتاحة لتوثيق دراستنا.
احوال: هل تم دعمكم إعلامياً أثناء الرحلة من بدايتها حتى وصولكم للمدينة المنورة؟
برقة: لم نهتم بالمتابعة الإعلامية حتى تحقق ما أردناه، ولكن تم نقل الرحلة بواسطة المهندس رويد بصفر وعند وصولنا للمدينة المنورة.
احوال: خلال رحلتكم الاستكشافية ماذا وجدتم من آثار؟
برقة: وجدنا مصليات على قبلتين، نقوش، ومصليات أخرى في أماكن مختلفة.
احوال: هل تم توثيق المشروع والدراسة هذه؟
برقة: نعم، المشروع موثق ومثبت وجاري طباعته في كتاب سيظهر للنور قريبًا، حيث سبق وأن وقعنا اتفاقية مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة لتوثيق المشروع. وقد وثق من قبل ثلاثة دكاترة متخصصين: الدكتور خالد الغيث، والدكتور فهد المغامسي، والدكتورة أمل الثبيتي. وقد أعجبوا بالدراسة وجاري اعتمادها وحوكمتها. وجاري طرحه في الميديا عن طريق قناة وسوف يعرض على 13 حلقة تلفزيونية. ونتمنى أن يحظى بعرضه في شاشات الطائرات في الرحلات الدولية. وجاري طباعته أيضًا في كتاب مع باقي مشاريعنا التي أشرنا لها، وإخراجه قريبًا. وجاري العمل على إنشاء تطبيق تقني على الجوالات لدراستنا ومسارنا، يسهل للمستخدم الوصول لكامل المسار باستخدام نظام الـ GBS.
أحوال: كم طول درب الهجرة النبوية؟
برقة: طول الدرب 480 كيلو مترًا.
أحوال: المشروع كبير وعظيم في شأنه وموضوعه، لأنه يبحث مسار درب الهجرة النبوية. الأمر الذي يستلزم دعمًا كبيرًا. من أين وفرتم الدعم لهذا المشروع؟
برقة: في بداية الرحلة تكفل شخص بتكاليف المشروع، وهي الرحلة الرئيسية التي طبقنا فيها دراستنا والتي أردنا أن نستخدم الجمال فيها من البداية حتى النهاية. ولكن للأسف قبل يوم الانطلاق اختفى تمامًا، مما جعلنا أن نبدأ مشروعنا بدعم شخصي، وقد تسبب ذلك في عدم استخدام الجمال لعدم توفر الدعم اللازم والتصاريح اللازمة لها التي تأخرت، فبدأنا بإمكانيات متواضعة جدًا. نذكر هنا بالثناء والشكر للمهندس محمد سراج ولي الذي دعمنا في موضوع تأمين الجمال، والمهندس أنس صالح صيرفي الذي دعمنا في تكريم فريق الرحلة وفي إقامة معرض يوم التراث العالمي الذي يوافق (18 أبريل) من كل عام. وقد افتتح الاحتفال سعادة أمين جدة معالي الأستاذ صالح التركي ورئيس الغرفة التجارية بجدة رجل الأعمال محمد يوسف ناغي. توفيق الله عز وجل كان مطلبنا، ثم وقفة هؤلاء الأفاضل كانت خلف إكمال الرحلة الاستكشافية التاريخية لدرب الهجرة النبوية.
أحوال: كم أعمار الذين شاركوا في الرحلة الاستكشافية والدراسة؟
برقة: جميع من شارك قد تجاوز الستين، وأكبرهم عمره خمس وسبعون عامًا، وأصغرهم على عتبات الستين عامًا.
أحوال: هل استخدمتم أجهزة تقنية تساعدكم في إثبات الدراسة؟
برقة: نعم، استخدمنا جميع الوسائط المتاحة سواء تقنية أو كتب تاريخية متخصصة في السيرة أو كتب في الأحاديث النبوية، كل ما يساعدنا في دراستنا استخدمناه.
أحوال: هل الأوقات التي نزلتم فيها للميدان لدراسة وإثبات المسار ساعدت في ذلك؟
برقة: أغلب الأوقات التي نزلنا فيها للميدان كانت حارة جدًا، وهذا خطأنا أننا حددنا وقتًا ولم نتنبه للأجواء حيث أن بعض الأيام كانت تصل درجة الحرارة لأكثر من خمسين درجة مئوية.
أحوال: ماذا تفكرون فيه الآن فيما يخص المشروع والدراسة؟
برقة: حاليًا نتمنى أن نرى مسار طريق الهجرة مطروقًا حيث شرفنا بتوقيع اتفاقية مع الهيئة السعودية للسياحة، وسبق وأن أشرفنا على إقامة أكثر من رحلة للمسار.
أحوال: أخيرًا وليس بآخر، نتمنى لكم التوفيق في إخراج الدراسة والاستفادة منها ونبارك لكم ما قدمتموه.
برقة: أشكر لكم إتاحة الفرصة للالتقاء بكم وإعطائنا مساحة للحديث عن المشروع الاستكشافي لدرب الهجرة النبوية.
كعادته ابو انس هاشم نتو
ينشر اثير رائع عن معالم ورحلات تتضمن معلومات و احصاءات وشواهد لمعالم في بلادنا ومن خلال ضيفه الكريم استمتعنا يهذه العطاء والمعلومات الحصرية.
نفع الله بك وبضيفك يابو أنس وشكرا لصحيفة احوال
ماشاء الله معلومات واثراء وعزيمة نقل مميز ????????????
ما شاء الله.
تقرير مطول وشامل تقريبا.
جهود مباركة،
وفي شبه الجزيرة العربية،
تحديدا المملكة العربية السعودية تعج بحضارات و دروب قديمه تستحق التوثيق. منها ما قبل الاسلام .
اخوكم حسن الجلاد
تغطية إعلامية مميزة من الكاتب: هشام نتو -بارك الله في جهودك – .
ماشاءالله تبارك الله بارك الله فيك يابو انس
مجهود تشكر عليه شكرا لضيفك الكريم الذي اثرانا بهذه المعلومات التاريخية شكراً صحيفة احوال دائماً تواكب الحدث في اي مكان
مبدع يابو انس في طريقتك في إلقاء الاسئلة لله درك من كاتب مبدع.
ماشاء الله تبارك الله
معلومات ثريّة وإثرائية .. استفدت منها كثيراً
لا فض فوك دكتورنا الغالي
وشكراً بحجم السماء للزميل أ. هشام نتو على إجراء هذا الحوار الشيّق الممتع
والشكر موصول لإدارة صحيفة أحوال التي عودتنا على كل جميل عبر محرريها .
مقابلة جميلة واثراية بالمعلومات بارك الله فيك يابو انس الحقيقة تستحق الشكر على هذا المجهود شكرا كاتبنا المبارك وشكرا لضيفك الكريم شكرا صحيفة احوال التي دائما تتواجد في كل مكان.