مقالات

تزوج ثانية

Listen to this article

أ. صباح ًالأشرم

في الآونة الأخيرة علت أصوات النساء على الرجال في المطالبة بالتعدد، وأنتشر ت لأجل ذلك العديد من المقاطع الصوتية لكلا الجنسين من النساء والرجال لتأييده، والعجيب في الأمر عزوف الرجال عن التعدد لسماعهم تجارب المعددين قبلهم، تجارب يندى لها الجبين، حين يبدأ أحدهم بسرد معاناته مع التعدد يصغي له الآخر، كان يتمنى سماع ما يبهج قلبه فإذ به يسمع العكس تماماً، فيمر الوقت بين شاكٍ وباك.

لا تخلو المجالس من قصص التعدد وظلم الأزواج لبعضهم، وقبل الشروع في التعدد أعرف نفسك أولاً،
أكتشف قدراتك، وإمكاناتك المادية، فأن رأيت أنك قادر فبكل شجاعة أقدم وعدد، وإن رأيت العكس فعليك بالعودة خطوات كثيرة للوراء، لأنك ستصبح يوماً ما شخص يشار إليه بالبنان، ولن يرحم من الشتائم بالأطنان، وحتى وإن كنت ذلك الأسد الوديع سيقال عنك خروف مطيع، ولن تسلم من عويل النساء، وشماتة الأعداء.

تزوج أحدهم أمرأتان، فعاش حياته بين هم وغم وفِي كل ليلة يندب حظة ويحسد الأعزب والمغترب وحتى الشجر والحجر كان حين يسأله آخرون عن تجربته يقول لهم ( واحدة وبس وحدوا الله يغفر لكم)، وفِي نهاية المطاف بنى له داخل أسوار البيت مجلس صغير بمرافقه وسكنه وحيداً برفقة أحد العمال.. وترك الزوجات والأبناء.

مَاهكَذَا تسير الحياة معشر القوم ..! تزوج ثانية لتسعد لا لتشقى.

من أهم ما يجب توفره لدى المُعدد رحابة الصدر، بشاشة الوجه، وقبلها قوة البدن وتوفر المال شرطان لابد منهما.

في ظل الظروف الحالية وما يعانيه الأغلبية لا أظن أن هناك رحابة صدر ولا بشاشة وجه.. ليس هناك سوى الكثير من التذمر والضجر من ضيق الحياة.

وحين ننظر للمسألة بتعقل وروية سنعلم أن التعدد لم يشرع إلا وفيه خير كثير للرجل والمرأة على حد سواء، يجهل كثيرون ذلك، فيقابلون التعدد بالتحريم والتجريم والإنكار، وحين يقال هذا شرع الله يبدأن النساء في الصياح والنواح، هنا يأتي دور الرجل في إثبات إن كان حقاً يستحق لقب معدد أو لا فيمسك العصا من المنتصف، لن تكون رجلًا بتجبرك وقسوة قلبك، بل بالحكمة ورجاحة العقل، والنظر لكل جوانب القضية بميزان عدل ثابت.

المرأة بطبيعتها عاطفية جدا كل النساء في ذلك سواء، يقدسن الرجل المحترم وحسن الخلق الكريم بالمال والعاطفة، وكل الرجال قادرون على ذلك لا يعجز رجل أن يكون محترماً مع زوجته محباً لها عطوفاً وكريم، حين ترى الزوجة صفات الزوج هذه ثابتة غير متغيرة سيزيد تمسكها به حتى وأن غضبت لزواجه يستحيل أن تفارقه، وبما أن الله قد خلق قلبها ليسكنه شخص واحد على عكس الرجل فلن تستطيع إخراجه إلا إن أجحف في حقها وتعامل معها بسوء خلق وعدم أحترام هنا ستنقلب الموازين وتبدأ بينهما حرب ضروس لن يستطيع فضها أو فك النزاع فيها جميع قوى العالم مجتمعة.

بالنسبة للرجل فقلبه يتسع لأربع ولكن الحب لواحدة  فالحديث، رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وأبن ماجه والدارمي والحاكم، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. وقد أعله كبار أهل العلم بالإرسال، منهم: أبو زرعة، والترمذي، والنسائي، والدارقطني، والألباني.

وقد صححه بعض الأئمة، كابن حبان، والحاكم، وأبن كثير، وأبن الملقن، والسيوطي.

وأما معناه؛ فقال العيني في عمدة القاري: قَالَ التِّرْمِذِيّ: يَعْنِي بِهِ الْحبّ والمودة؛ لِأَن ذَلِك مِمَّا لَا يملكهُ الرجل وَلَا هُوَ فِي قدرته، وَقَالَ أبن عَبَّاس ـ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ـ: لَا تَسْتَطِيع أَن تعدل بالشهوة فِيمَا بَينهُنَّ وَلَو حرصت، وَقَالَ أبن الْمُنْذر: التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة غير وَاجِبَة، وَقد أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن عَائِشَة أحب إِلَيْهِ من غَيرهَا من أَزوَاجه، فَلَا تميلوا كل الْميل بأهوائكم حَتَّى يحملكم ذَلِك على أَن تَجُورُوا فِي الْقسم على الَّتِي لَا تحبون.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قال الترمذي: يعني به الحب والمودة، كذلك فسره أهل العلم. وقد أخرج البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن أبن عباس في قوله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} [النساء: 129] قال: في الحب والجماع. وعند عبيدة بن عمرو السلماني مثله. أنتهى.

وقد تكفي الرجل واحدة تغنيه عن كل نساء الأرض فلا يرى غيرها فيحبها ويكرمها، وقد يكتفي بزوجة واحدة لكن لديه الكثير من العشيقات.

وقد يكون للزوج زوجة واحدة وقلبه يهفو لزوجة ثانية تسد له إحتياجاته لكنه لا يستطيع لضيق ذات اليد،
وقد يكون لديه إثنتان وينام في ملحق، وربما لديه ثلاث والخانة الرابعة دكة إحتياط متى ما أراد تزوج سواء من بلاد السند أو بلاد الهند، وهناك من فضل المسيار، لأنه يخشى سعار وجنون الأولى وربما فراقها وليته يعلم أنها لن تترك نعيمه لتذهب للجحيم إلا إن كان هو الجحيم الذي لا يُطاق.

وهناك من فضل البقاء مع زوجة واحدة داخلياً لكن الثانية تزوجها زواجاً دولياً من أحد الأمصار القريبة أو البعيدة فتراه مهاجراً رحال، وأعذاره لا تقال، فمرة لديه عمل خارج البلاد ومرة يسافر للعلاج وقد ينسى بطاقة الأحوال فتتصل الزوجة البعيدة وترد الأولى لينتهي مسلسله الساذج ويقع في شر أعماله.

ومن أجل أن نكون منصفين أكثر لسن كل النساء بصفات ملائكية ولسن من حوريات الجنة، فبعضهن خاليات من الأنوثة مسترجلات، تُصدم بهن فلا تدري هل أنت أمام أنثى!؟ أم أحد أصحابك!؟ لمقدار الصراخ والعويل والتذمر الذي تسمعه.

لماذا كل هذا الهم !؟
كن قوياً وتزوج بالثانية لتُسعِد الأولى وتَسعد، لا تكن جباناً تروى قصتك بين الأنام وإلا فواحدة صدقني أنها تكفي.

حين تزوج جارنا الثانية أخبر زوجته وقدم بين يديها معتذراً، وقال إن كنت قصرت يوما في حقك أخبريني ؟
قالت لا.
قال إن كنتِ تريني سيّء خلق معك أو مع أهلك أخبريني.
قالت ما رأيت منك إلا الخير في حياتي كلها ولن تقصر معي بعد زواجك.

بعد هذا الموقف تمسك بها أكثر، وحصلت هي على المزيد من الوقت لتهتم بنفسها أكثر، كان على قدر من الخلق، بالعدل بينهن فاز وسعد ورضيت عنه حين رأته لم يفضّل الأخرى عنها بشيء.

خلاصة القول :
التعدد للرجال فقط

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى