رمضانمقالات

سبعون عاماً وذكريات رمضان لا تزال عالقة في ذهني

Listen to this article

أ. غميص الظهيري

كان رمضان يحل علينا ونحن بدو رحل، نتنقل بحثاً عن مراعي مواشينا، أحياناً في قمم الجبال، وأحياناً في سهول الوديان، وأحياناً أخرى على سواحل الخبت. في تلك الأيام، لم يكن لدينا شعير، وكنا نعتمد على هطول الأمطار ونمو النباتات، لذا كنا ننتقل بمواشينا من مكان إلى آخر.

وفي تلك الفترة، لم تكن هناك وسائل مواصلات أو خطوط أو وسائل إعلام تنقل أخبار دخول رمضان. لكن كان لدينا شخص يمتلك جهاز راديو، وكان يجتمع حوله مجموعة من الناس للتحري عن خبر دخول الشهر.. وغالباً ما كان الخبر يتأخر حتى منتصف الليل، بسبب عدم وجود وسائل نقل سريعة لنقل شهادة رؤية هلال رمضان إلى أقرب محكمة.

في ذلك الوقت، كان الناس ينامون مبكراً من شدة التعب، وعندما يتم إثبات دخول رمضان، كان أحدهم يطلق بندقية، بينما يصعد آخر إلى مكان مرتفع وينادي “غداً صيام”، وكانت أصواتهم تصل إلى أماكن بعيدة.

إذ كانت الأجواء هادئة، بلا سيارات أو ضجيج مكيفات، هكذا كنا نتلقى خبر دخول رمضان، وبعض الناس لم يكن يصلهم الخبر إلا في منتصف النهار، فيصومون بقية اليوم.

كان من الغريب أن الأمية في تهامة كانت شاملة للجميع، حيث لم تكن هناك مدارس. كان لدينا شخص يعرف القراءة بالفطرة، رغم أنه كان أميًا، وكان يُطلق عليه لقب “الفقيه”. كان يخطب في الناس خلال صلاة الجمعة طوال شهر رمضان، ورغم أميته، كان كبار السن يحترمونه وينصتون له.

كان الجامع يقع تحت شجرة السدر، وكان يقف شخصان على جانبي الفقيه ليظللاه بمصنف من أشعة الشمس، حتى يتمكن من قراءة الحروف. كما كان يُصلي بهم صلاة العيد، واعترافًا بفضله، كانوا يقدمون له زكاة الفطر في يوم العيد.

كان الفقيه يغادر وقد حصل على مصروف يكفيه لسنة كاملة من حبوب الزكاة، والتي كانت في ذلك الوقت تقتصر على حبوب الذرة والدخن. هكذا كانت الحياة، وهكذا تبقى الذكريات التي لا تُنسى.

يتبع

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. لقاء ممتع بكل المعاني أستاذنا الفاضل أبو فهد
    سبعون عاماً وكأنها سبعمائة عام في عمر الزمن
    للفرق الهائل في حياة الناس مابين الأمس واليوم
    قبل سبعون عام لم يكن فينا شيخ علم ولا قاريئ
    غير إجتهاد من شخص لايجد القراءة والكتابة
    واليوم مملكتنا الحبيبة تزخر بالعلم والتقنيئة
    والحوكمة الإلكترونية وغزووو الفضاء من أبنائها
    والتقدم في الطب وفصل التوائم على مستوى العالم
    والتربع على قمة العشرين والأدهى من ذلك محور
    وساطة موثوق لفك نزاعات الدول العظمى مابين
    الشرق والغرب وهذا كله حدث بسرعة الصاروخ
    خلال سبعون عاماً فقط .. وهذا لن يكون إلا بقيادة
    حكيمة لحكومة واعية تخاف الله في شعبها
    وهمها إيجاد رفاهيتهم وإسعادهم وهذا
    ماحدث فعلا بقيادة آل سعود من عهد الملك عبدالعزيز
    بن عبدالرحمن رحمه الله
    الى يومنا الحالي بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز
    وولي عهدة الأمين
    صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
    . حفظهم
    الله وسدد خطاهم لكل خير💚🇸🇦💚

  2. الحمد لله والصلاه على رسول الله
    ابو فهد ممتع ومبدع باختيار مواضيع شيقه وهادفه جعلنا نعيد الذكرايات الجميلة والرائعة مع من رحلو رحمهم الله ايام رمضان التي لاتنسى مع جيل رحمهم الله وعافا الاحياء واليوم الحمد لله على كل شي في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده اسال الله ان يتم نعمه وامنه علينا يارب تحيه لكم جميعا والسلام عليكم

  3. رمضان يمضي وذكريات الطيبين وخصوصا الراحلين تبقى
    ندعو لهم ولأنفسنا بأن نلقاهم في جنات النعيم
    جزاك الله الله خير يابو فهد على هذا المقال الجميل

  4. سردك العذب لهذه الذكريات جعلنا نعيش تلك اللحظات

    نشكر الإعلامي المميز العم غميص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى