مقالات

أسواق العثيم وأضحية الحج..!!

Listen to this article

أ. صالح بن خميس الكناني

في وقت بدأت فيه أسواق عبدالله العثيم، أحد أبرز سلاسل التجزئة في المملكة، حملة تسويق أضاحي الحج لعام 1446هـ، فوجئت عند زيارتي  لفرع الليث مساء يوم أمس الأول الأربعاء بعدم إلمام مشرف الفرع بأساسيات هذه الحملة.

لم يكن يملك إجابة واحدة واضحة حول السعر، طريقة الحجز، أو آلية التوزيع.. غابت المعلومات، وغاب الحماس، وغابت الكفاءة.. هذا ما وجده من ذلك الوافد مدير السوق إذ غاب وعاد وهو يستذكر ماكتب عن هذه الخدمة وياليته كان البارع في تقديم المنتج بقدر مادخل في تعريفي أكثر بجهله العميق مع قلة خبرته ودرايته بما يعمل من أجله.

هذا المشهد لم يكن سوى انعكاس أوسع لمشكلة أكبر: تدني مستوى السعودة في المناصب القيادية داخل أسواق العثيم، التي يلاحظ الزائر لأي فرع منها أن مواقع “الكاشير” والحراسات الأمنية يشغلها سعوديون، بينما المناصب الإدارية العليا والمشرفون، في الغالب، من جنسيات أجنبية، وبعضهم لا يمتلك الحد الأدنى من مؤهلات الإدارة أو التسويق.

نتساءل بصدق كيف تقود السوق الوطنية سواء في هذا السوق أو غيره كفاءات أجنبية في ملف حساس كالتسويق الموسمي للعبادات، بينما تُقصى الكفاءات الوطنية القادرة على فهم السوق، والتواصل مع المجتمع، والإلمام بجوانب دينية واجتماعية شديدة الحساسية؟

هذا النقد ليس موجهًا للانتقاص، بل هو دعوة للتصحيح. فالمواطن السعودي ليس فقط الأحق بهذه الفرص، بل هو الأقدر على أداء هذه المهام متى ما مُنحت له الفرصة، ودُرب تدريبًا جادًا، ودُعِم بثقة تليق بمكانته.

نحن بحاجة إلى إعادة النظر في فلسفة التوظيف داخل مؤسساتنا الوطنية، خصوصًا تلك التي تتعامل بشكل مباشر مع الناس، وتستفيد من دعمهم وثقتهم. فإن لم يشعر المواطن بأن السوق تُدار بفكر وطني، فلن يشعر بالانتماء ولا بالثقة.

ربما ينبغي على وزارة الموارد البشرية إعادة النظر في آلية تقييم إدارة أسواق العثيم، خاصة فيما يتعلق بضعف استقطاب الكفاءات الوطنية.. فلا يجب أن يقتصر دور المواطن السعودي على وظائف مثل المحاسب أو حارس الأمن فقط، بل ينبغي أن يُتاح له – المواطن والمواطنة السعودية – تولّي مناصب قيادية في قمة هرم هذه المنشأة وغيرها من الشركات والمؤسسات السعودية.

إذ من الضروري إتاحة الفرصة للشباب السعودي لقيادة مختلف الإدارات حسب تخصصاتهم، لا سيما وأنهم مؤهلون تأهيلاً كافياً، قد تنقص بعضهم الخبرة العملية خاصة في مقابلة الجمهور التي يمكن اكتسابها بالممارسة والتدريب التخصصي على راس العمل.

ومن هذا متى سندرك أن المواطن هو المحرك لتحقيق رؤية 2030، وليس الوافد الذي قد يكون همه الأساسي هو كسب المال وتحويله إلى وطنه، وهذا أمر طبيعي فلم يتغرب إلاَّ من أجل ذلك؟ كما ينبغي على وزارة الموارد البشرية إعادة النظر في آلية تقييم أسواق العثيم لضعف توظيف الكفاءات المحلية فيها.

فمن غير المقبول أن يقتصر وجود السعوديين في هذه المنشأة التجارية الكبيرة بفروع ربما تقترب من 400 فرع بالسعودية تزيد أو تنقص قليلاً  ومايقرب من 60 فرع خارج السعودية – اللهم لاحسد- على وظائف مثل المحاسبين أو حراس الأمن؛ نريدهم أن يكونوا في مناصب قيادية في هذه المؤسسات وغيرها من الشركات والمؤسسات السعودية، وأن تُتاح لهم فرصة إدارة أقسامها، لا سيما وأن الشباب السعودي مؤهل ولا يحتاج إلا إلى الخبرة العملية لاكتساب الخبرة من خلال دورات تدريبية متخصصة على رأس العمل.

ولا ينبغي لرجال الأعمال والمال أن يغفلوا أنَّ المواطن هو الذي سيحقق رؤية 2030، وليس المغترب الذي يهتم فقط بتراكم الثروة وتصديرها إلى بلده الأصلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى