الرئيسيةالمحليات

الريف الأخضر في الباحة حين تتحول المزارع إلى بوابات سياحية وإقتصادية

Listen to this article

 

أحوال-تقرير – سهام ورقنجي

بين مدرجاتها الخضراء ورائحة الفواكه الصيفية الناضجة لم تعد مزارع الباحة مجرّد حقول للزراعة بل تحوّلت إلى منصاتٍ حيّة تحاكي روح الضيافة الريفية وتروي حكايات الأرض والإنسان في آنٍ واحد ضمن مشروع وطني صاعد يعيد تعريف الريف بوصفه رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا وثقافيًا.

في مشهد يتكرر على مدار العام يجذب دفء الأرياف الباحة زوّارًا من مختلف أنحاء المملكة وخارجها للعيش وسط 23 مزرعة ريفية مرخصة اختارت أن تكون أكثر من مجرد مشروع زراعي فمزجت بين الزراعة والتجربة الحسية للزائر بين الإنتاج والاستضافة وبين الماضي والمستقبل.

 

الزراعة كسياحة.. لا كصناعة فقط

لم تعد المزرعة وجهة إنتاجية صامتة بل صارت مساحة حيوية تتيح للزائر أن يقطف يزرع يرعى، ويأكل من خيرات الأرض مباشرة وسط أجواء تنقل إحساس “الانتماء للأرض” بكل تفاصيله.
هذا التحول تقوده رؤية المملكة 2030 التي ترى في المناطق الريفية مصدرًا للإلهام والفرص، لا مجرد أماكن نائية.
حيث باتت السياحة الزراعية نموذجًا جديدًا لاستثمار الميزات الجغرافية والبيئية في مناطق مثل الباحة، التي تمتلك تراثًا زراعيًا ومناخيًا فريدًا لا يُضاهى.

 

خطة ممنهجة.. وأثر يتصاعد

بحسب تصريح المهندس فهد الزهراني مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالباحة، فإن العمل جارٍ لترخيص 50 مزرعة ريفية جديدة، منها 35 في طور الإجراءات موزعة على محافظات المنطقة لتتكامل مع خطة التطوير الزراعي والسياحي.

الأثر لم يتوقف عند التراخيص بل تم دعم القطاع عبر توفير 15 ألف شتلة والتوسع في محاصيل واعدة كالزعفران والفستق والتوت الأسود وتطوير 7 مزارع صغيرة كنماذج حية للسياحة الزراعية إلى جانب تنفيذ 114 زيارة ميدانية و25 ورشة عمل تأهيلية للمزارعين.

التمويل: حين يلتقي الريف بالتنمية المستدامة

من جانبه يؤكد حبيب الشمري المتحدث باسم صندوق التنمية الزراعية أن الصندوق يقدم تمويلًا مخصصًا للمزارع الريفية يهدف إلى رفع كفاءة الحقول وتنوع مصادر الدخل وتحقيق الاستدامة في البيئات الزراعية ضمن شروط واضحة تضمن جاهزية المشاريع وتوافقها مع البيئة والمجتمع.

المزارع.. وجهة لا تُشبه غيرها

يقول أحمد البروقي أحد ملاك المزارع بمحافظة المندق:
“الناس تبحث اليوم عن الراحة النفسية عن مكان تشعر فيه بالانفصال عن ضجيج المدن. المزرعة تحقّق هذا وأكثر.. إنها تروي العائلة قبل أن تطعمها”.
ويضيف أن مزرعته تضم العنب واللوز والفراولة، وتقدم الأكلات الشعبية عبر أسر منتجة لتتكامل عناصر التجربة.

أما عبدالعزيز الزهراني من محافظة القرى فيشير إلى أن زيارة المزارع لم تعد ترفًا بل أصبحت تجربة يقصدها الباحثون عن العمق، عن الجمال الذي لا يُشاهد من خلف زجاج الفنادق، بل يُعاش وسط الحقول.

الريف الجديد.. هوية متجددة واقتصاد محلي

اللافت أن هذه التجربة لا تُقدَّم كمنتج سياحي منفصل عن المكان بل بوصفها امتدادًا للهوية الثقافية والتراثية للباحة.
فالمزارع تعرض المنتجات المحلية كالعنب والرمان والتين والتوت وتحتضن أنشطة حية من قطف الفواكه ورعاية الماشية وحتى صناعة المربى والمنتجات التقليدية.

في الختام: تجربة تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والأرض

إن ما يحدث في مزارع الباحة هو إعادة كتابة لقصص التنمية من منظور أكثر إنسانية واستدامة.
فالريف لم يعد مجرد مساحة طبيعية بل منصة اقتصادية وسياحية وتعليمية يعاد عبرها وصل الإنسان بجذوره، والأرض بدورها الحضاري.

هنا حيث يبدأ الزائر بتجربة قطف التين وينتهي بفهم أعمق لمعنى الانتماء، تبدأ ملامح “الريف الجديد” في التشكل ملامح لا تُقاس بالمساحات بل بالأثر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى