مقالات

فتح آفاق أوسع للتدريب التقني والمهني 

Listen to this article

أ. صالح بن خميس الكناني

تمثّل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إحدى أهم الركائز الوطنية في بناء الإنسان وتنمية الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية، إذ تضطلع منذ ما يقارب نصف قرن بدور محوري في تأهيل وتدريب الشباب السعودي، ورفد سوق العمل بكفاءات وطنية قادرة على المنافسة، من خلال منظومة تدريبية متطورة، وشراكات فاعلة مع القطاعين العام والخاص.

لقد أسهمت هذه المؤسسة في فتح قنوات تعاون فاعلة مع القطاع الخاص، مكّنت منشآت وشركات عديدة من الحصول على تراخيص رسمية لتقديم برامج تدريبية معتمدة، ما ساعد على توسيع قاعدة التدريب ورفع جودته، وساهم في تنويع مخرجاته لتواكب احتياجات سوق العمل المتسارعة والمتغيرة.

ومع ذلك، فإن اشتراط المؤسسة على كل جهة ترغب في الحصول على ترخيص مركز أو معهد تدريب توفير مقر بمساحة لا تقل عن (85 م²) بات يشكّل تحديًا أمام الكثير من المنشآت، خصوصًا أن غالبية الدورات الحالية تقدَّم عبر التعليم عن بُعد، ولا تحتاج إلى مقرات فعلية.

إن اشتراط توفر مقر دائم لجميع الدورات لم يعد ملائمًا في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده المملكة، واستخدام التقنيات الحديثة في التدريب. ومن هنا تأتي الدعوة لإعادة النظر في آلية إصدار التراخيص، بحيث يُكتفى بتوفير مقر تدريبي فقط للدورات التي تتطلب تجارب عملية أو تطبيقات مخبرية تستدعي الحضور الفعلي، بينما تُعتمد باقي الدورات عن بُعد دون الحاجة لمواقع تدريبية فعلية.

ولا شك أن هذه الخطوة ستسهم في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى بناء اقتصاد مزدهر يقوم على تنمية رأس المال البشري، وتحفيز بيئة الأعمال، وتمكين القطاع الخاص من الإسهام في بناء اقتصاد معرفي قائم على التعليم والتقنية والابتكار.

إن تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من تقديم برامج تدريبية عن بُعد سيساعد على خفض التكاليف التشغيلية، وتوسيع نطاق الاستفادة من التدريب ليصل إلى جميع مناطق المملكة، حتى النائية منها، وهو ما يعزز فرص التوظيف والنمو الاقتصادي.

ومن هذا المنطلق، نأمل أن يتبنى معالي رئيس مجلس إدارة المؤسسة وزير التعليم يوسف بن عبد الله البنيان، ومحافظ هذه المؤسسة ونائب المحافظ للتدريب عادل بن عبد حمد الزنيدي، ونائب المحافظ للتخطيط وتطوير الأعمال ريم عبد العزيز المقبل، مراجعة هذا الشرط التنظيمي بالغاءه وإن تعذر تعليق العمل به مؤقتًا لحين الغائه، بما يواكب متغيرات سوق العمل ويعزز فرص الاستثمار في التدريب الرقمي.

إذ من المهم إعادة النظر في هذا الشرط ليتوافق مع التحول الرقمي المتسارع في المملكة، بحيث تُعتمد تراخيص التدريب عن بُعد دون اشتراط مقرات فعلية، باستثناء الدورات التي تتطلب تجارب مخبرية أو تطبيقات عملية تستوجب الحضور داخل قاعات تدريبية مخصصة، لا مانع من التوصية — عند اعتماد الحقيبة التدريبية — باشتراط تحديد موقع تقدّم تلك الدورة.. والمركز أو المعهد يتدبر ذلك بإقامة الدورة في قاعة تفي بالغرض المطلوب.

ولعلنا ندرك إن المملكة اليوم بلغت مراحل متقدمة في تبني التقنيات الحديثة والتحول الرقمي، ما يجعل من مراجعة بعض الاشتراطات التقليدية خطوة ضرورية لتسهيل الاستثمار في التعليم والتدريب، وتحقيق تطلعات الوطن في ظل قيادة رشيدة تسعى دائمًا لتوفير الخدمات بأيسر السبل وأحدث الوسائل.

وبذلك، تكون المؤسسة قد وضعت نفسها على المسار المتوافق مع رؤية السعودية 2030، لإن هذه المءسسة تسهم من خلال ما تقدّمه في دعم  اقتصادًا مزدهرًا ينعم فيه الجميع بفرص متعددة للنجاح، عبر توفير بيئة عمل داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والاستثمار في التعليم استعدادًا لوظائف المستقبل، لتوفير مستقبلٍ زاخر للجميع على أرض المملكة .. من غير تكليف قد يؤثر على التدريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى