مقالات

رمضان .. القصة الجميلة

Listen to this article

بخيت طالع الزهراني

لا يمكن لرمضان إلا أن يكون “القصة الجميلة”

قصة الزمان، وحديث التاريخ، وسر من أسرار تعاقب الحقب والأيام.

رمضان … الشهر الذي لا يشبهه شهر، في طقوسه المتفردة، و(كاريزماه) اللافتة، وفعله النفسي والروحي والجسدي.

.

منذ الأمم السالفة كان الصوم، وكانت استجابة أهل الأرض لهذا الفعل الإيماني .. التزاما دينيا، وتنفيذا حرفيا، وعشقا روحانيا.

يأتي الصوم ليغير مجرى نمطية ممارستنا الحياتية اليومية، فيمنحنا إشارات عقلية أن ثمة نظام حياة مختلف صرنا منضوون في أعطافه.

نتلبس هيكليته ونتماهى مع “برمجته” الحياتية، فنجدها نمطا أخر، ممارسة جديدة، وسرعان ما نجد أنفسنا نمضي معه في فضاء تحوطه محددات، لم نألفها في غيره من الشهور.

.

تغيرت مواعيد طعامنا، حيث ظللنا طيلة النهار بلا أكل ولا شرب، في رمزية لها أسرارها الظاهرة والخفية.

والجميل أيضًا أن من المحددات الأخرى، أن رغباتنا وجوارحنا الأخرى قد بدأت تصوم بالفعل.

وحتى ثرثرتنا وأحاديثنا وحكاوينا صارت مقننه في اتجاه واحد، فقد انتظمت في قناة مختلفة، تراوح بين الصدق والأذكار والمودة وطيب الكلام …. الخ

وأكثر من ذلك أنه كُلما نزغنا نازغ لهوى النفس، انطلقت إشارة صارمة من داخلنا أن توقفوا، حتى لو كان أحدنا بين أربعة جدران لوحده.

.

يا الله …. ما هذا الانضباط؟

ما هذه المثالية؟

ما هذه الجمال الإنساني الراقي في التعامل مع مجريات الحياة .. سرًا وجهرا؟

.

تعرض لك “حاجة” من حوائج الجسد والعقل والروح، فتكاد بضعفك الإنساني أن تنزلق، أو يزل بك القدم …..

لكنك سرعان ما تتذكر أنك في حياض الشهر الفضيل فتتوقف، وتوقفك هو عزيمة وجسارة، عزيمة على قهر الرغبة واخماد ثورتها مهما كنت تحتاجها، احتراما لمحددات الصوم وضوابطه

تفرح كيف صارت عزيمتك قوية، وقرارك حازما، وصرت تسيطر على نفسك أكثر.

تشعر أنك صرت إنسانا مختلفا .. أكثر بُعدا عن السفول، وأقرب للعلو

.

يمر الشهر كالبرق … تتصرم أيامه ولياليه في لمح البصر

تخرج منه مختلفا أو هكذا يفترض ….

لكن كيف حدث ذلك …؟ الجواب ببساطة …

.

إنك كنت في دورة إيمانية، في منحة ربانية، منحتك وعيا وفهما وتطوير ذات، وهدفها بعد طاعة الله، أن يكون فعلك وممارستك أفضل في بقية شهورك الـ 11 القادمة

.

ويظل قياس ومؤشر نجاحك … أن تسأل نفسك بنفسك ….

إن لم تخرج من رمضان وأنت أفضل حالًا .. فأنت قد رسبت، أنت لم تنجح.

أنت قد فرطت …

وبالتالي اندلقت من بين أصابعك أفضل دورة، يمكن لها أن تصحح مسارك، وتضبط توازنك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى