مقالات

المرأة المكية السعودية.. فخر الوطن

Listen to this article

الباحث الأمني لواء م/ طلال محمد ملائكة

هناك فرق جوهري بين التاريخ وعلم التاريخ، يدركه الراسخون في العلم، كما جاء في قول الله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.

الحديث عن تاريخ المرأة المكية لا يُمكن أن يُختزل في سطور، إذ يمتد عبر آلاف السنين، منذ أن جاء خليل الله إبراهيم -عليه السلام- بزوجته هاجر إلى أطهر بقاع الأرض: مكة المكرمة. ومنذ أن بدأ إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام- في بناء البيت العتيق، بزغت معالم حضارة عظيمة في هذه الأرض المباركة، وتطورت مع طلوع فجر الإسلام، تمامًا كما نشأت وتطورت الحضارات الكبرى الأخرى كالصينية، والفرعونية، والفينيقية، واليونانية، والرومانية.

وقد امتزجت هذه الحضارة الإسلامية العربية مع سائر حضارات العالم، وتعايشت معها. ويشهد العالم بأسره، قديمًا وحديثًا، على ذلك الامتداد والتأثير العريق.

وقد ورد في كتاب الله الكريم تأكيد على هذا العمق التاريخي، حين قال تعالى:
{ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}
فليتأمل القارئ الكريم في عمق المعنى، ويستنتج ما وراء الآيات.

المرأة المكية، والمرأة العربية، والمرأة المسلمة، هي جزء لا يتجزأ من هذه الحضارة، بل أحد أركانها، وهي التي ساهمت في تشكيل ملامحها، واستمرت بنقل قيمها، ونشرها في العالم عبر العصور.

قبل الإسلام، كانت المرأة العربية مثالًا للفطنة والحنكة والحكمة. وقد ساهمت في صناعة المجد الحضاري عبر مختلف الميادين، وكان للشعر حضور بارز كمنبر إعلامي يشبه دور الإعلام الحديث اليوم. ومن أبرز الشاعرات العربيات في تلك الحقبة: مهد العادية، عفيرة بنت عباد، اليمامة بنت كليب، أمامة بنت كليب، صفية الشيبانية، سلمى، ليلى بنت المهلهل، وغيرهن كثير.

ومع طلوع الإسلام، سطعت أسماء رائدة للمرأة المسلمة، في مقدمتهن:
خديجة بنت خويلد، عائشة وأسماء بنتا أبي بكر، فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بقية أمهات المؤمنين.
ومن بعدهن مئات الصحابيات، والتابعيات، والعالمات، والراويات، اللاتي بزغ نجمهن في مكة والمدينة، وامتد أثرهن في الدول الإسلامية المتعاقبة، مثل الدولة الأموية والعباسية.
ومن أبرز العالمات في التاريخ الإسلامي: زبيدة زوجة هارون الرشيد، والشيخة أمة الله الدهلوية، التي لُقّبت بـ”مسندة المدينة المنورة”.

أما في العصر الحديث، فقد برزت أسماء نسائية عربية كان لهن إسهام واضح في مجالات الثقافة والتعليم والسياسة والنضال الوطني، مثل:
هدى الشعراوي، سنية حبوب، درية شفيق، لطفية النادي، جميلة بوحيرد، آسيا جبار وغيرهن كثير.

وفي تاريخ المملكة العربية السعودية، كان للمرأة حضورها الفاعل أيضًا، منذ نشأة الدولة وحتى يومنا هذا.
ومن أبرز الأسماء في التاريخ السعودي القديم:
نورة بنت عبدالرحمن آل سعود، الجوهرة بنت فيصل بن تركي، غالية البقمي، هيا الشاعر، الجوهرة بنت معمر، وغيرهن.

أما في العهد السعودي الحديث، فقد سطعت أسماء رائدة كان لهن دورٌ محوري في مختلف المجالات، منهن:
الأميرة ريما بنت بندر، السفيرة هيفاء بنت المقرن، العالمة غادة المطيري، مشاعل الشميمري، ريانة برناوي، نورة بنت فيصل، الدكتورة هلا التويجري، لبنى العليان، دانية عقيل، نجود الرميحي، منال رضوان، وغيرهن من النساء السعوديات اللاتي تألقن في المحافل المحلية والدولية.

لقد ساهمت المرأة السعودية في مجالات التعليم، والصحة، والاقتصاد، والإعلام، والسياسة، بل وشغلت مناصب مرموقة في منظمات الأمم المتحدة بجنيف ونيويورك، وغيرها، بفضل جهود المملكة المستمرة في تعزيز حقوق المرأة وتمكينها.

إن تاريخنا العربي والإسلامي هو تاريخ حضاري مشرق، نفخر به أمام العالم، وما ذكرناه هنا لا يعدو أن يكون قطرة من محيط، ورسالة واضحة لمن يصفنا بالهمجية أو البربرية.

ومن أراد المزيد، فليعد إلى مصادر المعرفة الموثوقة والموثّقة.
حفظ الله بلاد الحرمين الشريفين، قيادةً وشعبًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى