مقالات

عيد اللحم

Listen to this article

أ. علي الزهراني

يطلق الناس – في حديثهم العامي – على عيد الأضحى المبارك اسم “عيد اللحم”، وهو الاسم الذي ارتبط بتقاليد ذبح الأضاحي تقرّبًا إلى الله، ومن ثم توزيعها على الفقراء، والأقارب، والجيران، وما تبقى منها يكون من نصيب أهل البيت، حيث يتناولونه في جو أسري دافئ.

في بعض البيوت، قد يجتمع أفراد العائلة في المنزل، أو في استراحة، أو حتى في شاليه، حسب عددهم وإمكاناتهم، لتناول “عشاء العيد أو غداء” احتفالًا بهذه المناسبة العظيمة.

وفي صبيحة يوم العيد، يسرح الصغار في أحياءهم حاملين لحوم الأضاحي كهدايا لجيرانهم، في مشهد تملأه البراءة وروح العطاء.. وغالبًا ما يرد الجيران الجميل بالمثل، فيتبادل الجميع لحوم الأضاحي في جو من المحبة والتلاحم الاجتماعي.

لكن، في السنوات الأخيرة، تغيّرت بعض ملامح هذا المشهد الجميل. فقد حالت الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع أسعار الأضاحي – التي تجاوزت في بعض الحالات (2000 إلى 2400 ريال) – دون قدرة كثير من الأسر على شراء الأضحية.. وربما تجد ربّ أسرة متقاعدًا بدخل شهري محدود، لا يستطيع تحمّل نفقات العيد ومتطلباته، فيغلق باب بيته بصمت، ويكتفي بالدعاء بأن يُفرجها الله عليه.

ومع ذلك، لا يزال في الناس خير؛ فقد يُهدى هذا الأب قطعة من أضحية أحد جيرانه، وتلك “اليد” التي امتدت له لا تعني فقط اللحم، بل تعني الفرح، وتعني أنه لا يزال هناك من يتذكّر، ويشعر، ويعطي.

عيد الأضحى ليس مجرد طقوس ذبح وأكل؛ بل هو مناسبة إنسانية عظيمة تُجسّد أسمى معاني التكافل، والرحمة، والمشاركة.. وفي ظل التحديات الاقتصادية، فإن أبسط مبادرة قد تُحدث فرقًا كبيرًا في نفوس الآخرين.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى