مقالات

خمسون دقيقة يا وزارة التعليم..!

Listen to this article

أ. بريك العصيمي

العام الدراسي الجديد بات على الأبواب، ومعه تتجدد الآمال والطموحات بأن يكون عامًا دراسيًا ناجحًا ومثمرًا للجميع.

لكن… أليس من الواجب أن نُسهم جميعًا في تهيئة البيئة التعليمية المحفزة عبر مراجعة الممارسات السابقة وتحليلها، للاستفادة منها في تطوير الحاضر وبناء مستقبل تعليمي أفضل؟

في هذا السياق، أود تسليط الضوء على جانب أراه محوريًا في العملية التعليمية، ويؤثر بعمق في مدى تقبّل الطلاب للتعلم وتحفيزهم للاستمرار فيه بشغف. هذا الجانب يتمثل في: طول اليوم الدراسي وزيادة عدد الحصص.

سبع حصص دراسية يوميًا، مدة كل حصة خمسون دقيقة!
ثم نتساءل عن أسباب التذمّر المتزايد، والغياب المتكرر، والفتور الذي بات سمة يومية في كثير من مدارسنا!

كيف ننتظر من الطالب أن يتحمس للتعلم، وهو مرهَق جسديًا ونفسيًا، يقضي ساعات طويلة بين الجدران، دون مراعاة للعامل النفسي الذي يُعد من أبرز ركائز البيئة التعليمية الجاذبة؟

إن تجاهل هذا البُعد النفسي، والتعامل مع الطالب بوصفه مجرد “عنصر في منظومة زمنية”، يجعل مدارسنا أماكن طاردة لا جاذبة، ويحوّل اليوم الدراسي إلى عبء ممل، لا بيئة محفزة للتعلّم، بل إلى ما يشبه البنايات الخاوية التي تأوي أجسادًا مرهقة لا عقولًا نشطة.

وقد أثبتت العديد من الدراسات التربوية والاجتماعية، قديمًا وحديثًا، أن “الإنتاجية والتحصيل يرتفعان كلما قلّ وقت العمل وازداد التركيز والراحة”.

فهل من التفاتةٍ جادة من وزارة التعليم لمراجعة النظام الزمني المعتمد حاليًا في مدارسنا، وتقييمه من زاوية النوع لا الكم؟
ألا يستحق الطالب أن يُمنح تجربة تعليمية متوازنة تدمج بين الجودة والراحة والانضباط؟

إن تقليص عدد الحصص، وتخفيف مدتها الزمنية، لن يحقق فقط نتائج تعليمية أفضل، بل سيسهم في تحسين الجدية والانضباط والسلوك العام لدى الطلاب، ويُقلل من التسرّب، ويجعل المدرسة بيئة محببة، لا ساحة صراع مع الوقت والملل.

نأمل أن تجد هذه الدعوة آذانًا صاغية، وقلوبًا تعي أن النجاح التعليمي لا يُقاس بعدد الساعات، بل بجودة ما يُزرع في تلك الساعات من معرفة وشغف وتوازن.

قفلة الختام:
من أجلهم، رفقاً بهم، يا وزارة التعليم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى