مقالات

جرعة …”تطنيش”

بخيت طالع الزهراني

Listen to this article

كنت أشتري بعض (المقاضي) من بقالة، رجعت لسيارتي، وإذ بسيارة أخرى متوقفة بالعرض، تغلق عليّ منفذ العودة (بالريوس). 

رأيت في السيارة امرأة تجلس في مقعد الراكب الأمامي، والسائق – كفرضية مني – قدّرت أنه نزل ليشتري بعض الأكل من المطعم القريب.

لم أشأ أن (أضرب – بوري) .. ولا حتى (أنزل) أبحث عن مكانه.

قلت لنفسي: هو يعرف أن موقف سيارته خاطئ، ولذلك سيعود حتما بعد دقائق قليلة، نصبر – والصبر طيب.

.

اخترت أن أجلس في سيارتي، (أتسلى بجوالي) .. أدرت محركها، وأشعلت مصباح الانعطاف شمالًا، القريب من نافذة السيارة التي تجلس بقربها المرأة، لعلها تراها، فتتصل بصاحب السيارة، فيستعجل، ويزيحها عن طريق خروجي.

.

ظللت انتظر لـ عشر دقائق – فربع ساعة، وامتدت لعشرين دقيقة … عندها بدأ الملل، ومن ثم الضجر يجتاحانني.

لكني لم اتزحزح عن قراري العظيم !! بأن (أطوّل بالي) .. وانتظر .. وأصبر … مهما طال الوقت ….

.

كنت أراقب السيارة خلفي من مرآة سيارتي الرئيسة، وبعد انقضاء أكثر من عشرين دقيقة، رأيت سائق السيارة يعود من جولة تبضعه الميمونة تلك، لا يلوي على شيء، يسير على مهلٍ، تحوطه بيارق السلامة.

لمحته يرمق سيارتي، لكن بدون اكتراث – حتما هو رآني – وأنا محشورا، وحبيسا جراء حماقته تلك.

.

الرجل، “حرّك” سيارته، ومضى يتهادى، و(بكل وجه بارد)، وكأن شيئا لم يكن، رغم أنه شاهد آثار فعلته السخيفة معي.

كنت أتوقع أن يعتذر مني، ولو بإيعاز من المرأة، التي كانت شاهدًا على (مرمطتي) .. كأن يقول لي مثلا: (آسف – يا عمنا) أو .. (سامحنا – عطلناك).

.

أنا لا أدعي المثالية لنفسي بموقفي ذلك، ولا أنكرها أيضًا، فتلك ليست المسألة.

المسألة .. أنني – فقط – أردت أن أصنع موقفًا مزدوجًا من شقين ..

الأول: اختبر فيه حجم طاقتي على الصبر.

والثاني: أختبر فيه (صاحبي ذاك) “وربما مثله كثير” ومقدار ما يمكن أن يتمتع به أمثال أولئك “الأشاوس” من شجاعة الاعتذار عند الخطأ، من خلال كلمة بسيطة سهلة هي: (آسف) .. لتكون جبرًا لخاطري، وأمثالي ممن يقودهم حظهم العاثر لموقف كذاك.

.

العبرة من هذه الحكاية “الواقعية” – الخفيفة الظريفة .. أتركها لتفسير فطنة قارئ هذه السطور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى