حمدة بنت الكرام

شهوان بن عد الرحمن الزهراني
ليس من شك ان المسلمين على أختلاف مذاهبهم يتساوون عند فقد القريب.. وأنا واحد من بني البشر مسلم راضي بقضاء الله وقدره.. فقد فقدت شقيقتي الكبرى في الايام الاخيرة من شهر رمضان المنصرم رحمها الله.. وكان الفقد ألم وحسرة ليس فقط انها شقيقة ولكنها كانت بالنسبة لي وأخواني الام الحانية الشفوقة علينا .. فلم نعرف منها الا الحنية واللطف وسرورها بشوفتنا فعودتنا أختنا حمدة على وجودها معنا في كل أمر فكان فقدها فاجعة لم نقابلها إلا بالصبر والاحتساب للباري عزوجل.. عرفت منها المحبة لو وزعت على شطر كبير من المعمورة لقلت من غير مبالغة لكفتهم.. ففاضت قريحتي بقصيدة رثاء في شقيقتي حمدة رحمها الله وأسكنها فسيح جناته أقول فيها:
في مقلتي من دموع الحزن بركان….وفي فؤادي على فرقاك نيران
يا أخت روحي وقلبي حلّ في كبدي…. حين الوداع أعاصير وأشجان
دهري طوى عن عيوني عين غالية….حضـورها كان لي روح وريحان
جفا المنام عيوني بعد أن رحلت…. بنت الكرام وحلّ القلب أحزان
بموتك الجمرُ في الأحشاء يلتهب…. وفي رحيلك للإحزان إعلان
هبّت علينا من الأحزان عاصفة…. فآلمتنا ودمع العين هتان
كم من أحبائنا عن دارنا رحلوا…. ماتت مسراتنا من بعدما بانوا
ما أقصر العمر حتى لو يطول بنا…. فكل يوم يمرّ فهو نقصان
يدُ المنون بكأس الحزن قد ملئت…. يتجرع مُرَّها شِيبٌ وشبان
والحـيرةُ تملأ الأحداقَ حارقةً…. وهاج في الفكر أحزان وأشجان
تبدو المواجع في دربي فتؤلمني….والحادثات لها في مهجتي شأن
يا لوعة في فؤادي حلّ لاعجُها…. ففاض من وهجها جمرٌ ونيران
نعلل النفـس بالآمال في سعة…. لكنها تصبحُ زورٌ وبهتان
لا تستقرُّ حيـاةُ النـاسِ مِنْ قدم…. فبعد أفراحِها شجنٌ وأحزان
إن جاد يوم علينا بالمسرات….أعاقها في فؤادي حزنُ من بانوا
أفراحنا أدبرت عنّا معانيها…. لم يبق منها سوى شكل وألوان
نتصنع البسمة والقلب في ألمٍ…. وإن لبسنا كأن اللبس أكفان
فازت بقلب أبيها في محبته…. واختصها بسمو الود إخوان
والزوجُ كانت له كالقلب نابضة…. كانت له بالوفا والبرِّ صنوان
كتّامة الغيظ في سرٍّ وفي علنٍ…. للجود كانت وللمعروف عنوان
فما عهدتُ محياها على غَضبٍ…. يسمو بها عن دنئ الفعل إيمان
كفٌّ نديٌّ وقلب بالوفاء طبع…. تدنو بخيراتها للناس أغصان
تزينت بالتقى والطيب منهجها…. ما غرها ذهب كلاّ ومرجان
يا حمدةُ أعذري شِعْري وقافيتي….وأعذريني إذا في القول نقصان
فأنت للود بين الأهل نبراسُ…. وعندنا من صحيح القول برهان
عسى الإلهُ يُنير قبرَ غاليتي…. يحلُّ في لحدَها روحٌ وريحانُ
وجنة الخلد مأواها ومنزلها…. وجارة المصطفى والباب ريان
جدة 15-10-1443هـ