مقالات

محمد عبده فنان العرب والتيار التكفيري 2

Listen to this article

 

   لواء. م/ طلال ملائكة

في مقالنا السابق تحدثت عن الحوار الذي دار بين فنان العرب محمد عبده والفنان الشاب عايض حول (هل لدى الفنان الشاب عايض رغبة في تغيير أسمه لأنه مطابق لداعية معروف في السعودية وكيف أن الشاب أبدى إستعداده إذا محمد عبده يطلق عليه أسم جديد… وأستعرضت تاريخياً تيار التطرف وحركة الصحوة في عالمنا العربي والإسلامي) واليوم نكمل.

وهنا كانت المفاجأة حينما ذكر محمد عبده تجربته القاسية مع تيار التطرف و كيف أن لجنة الإختبار في الإذاعة السعودية أرادت منه تغيير أسمه لأن أسمه يطابق لأسم المفكر الإسلامي (محمد عبده) وحينها رفض محمد عبده الفنان قرار اللجنة وغادر وأكمل حديثه بجملة عميقة المعنى والمضمون (الله أعلم من المفسد ومن المصلح) وقد وجدت تلك الجملة تصفيق حاد مما يدل على تأييد الحضور للمضمون من الحديث بينهما.

لقد أثار ذلك الحديث ردود فعل في وسائل الإعلام العالمية بمختلف أنواعها لا سيما السوشلية ومما لفت أنتباهي ردود تلك الفئة التي لم يناسبها تعليق الفنان/ محمد عبده وأعول ذاك إلى سطحية التفكير والإستنتاج من بعضهم ( ف ٩٥% منهم ) لايدركون مغزى عمق قول فنان العرب/ محمد عبده ( الله أعلم من المفسد من المصلح ) ولا يعلمون أساليب فكر تيار الصحوة المتطرفة والقوى الناعمة لهم وإنتشار فكرهم تاريخياً في عالمنا العربي والإسلامي ولا يعلمون تاريخ ذلك التيار ( أرجع إلى تاريخ الخوارج قبل ١٤٢٠ منذ أغتيال سيدنا عمر وسيدنا عثمان وعلي وأحداث تلك الفترة وإمتداد ذلك الفكر وأحداثه حتى يومنا هذا ) وإلى فترة قريبة في مجتمعنا خاصموا وفسقوا في مجتمعنا السعودي مفكرين سعوديين (غازي القصيبي، عبدالله الغذامي، سعيد السريحي، عبده خال وعبدالله الجفري وثامر الميمان.. الخ  وكل كاتب ومفكر وشاعر وأديب حاول أن يفضح عوار فكرهم ).

للإيضاح  فإنني أعتقد أن محمد عبده أحد ضحايا ذلك التيار المتطرف مثله مثل كثير من الفنانين في عالمنا العربي الذين أحرقوا تسجيلاتهم وحطموا آلاتهم بل بعضهم طلب من وزارات الإعلام بمنع عرض مسلسلاتهم وحفلاتهم وحصل ذاك وللأسف معظمها بسبب ركنها تلفت وقد نجح التيار في الوطن ولا أبالغ أن قلت في معظم أرجاء العالم العربي بحضر أعلام في الإعلام وفي المناهج التعليمية وأمتد الأمرإلى الفنون بكافة أنواعها على المطلق ( إبتداء بالغناء والمعازيف والمسرح والسينما والنحت والتصوير والشعر والأدب…الخ وجميع مناهل الإبداع الفكري و الثقافة ومظاهر الحضارة الأدبية والفنية ).

 لازلت أتذكر رئيسي المتزمت والذي حاول أن يقنعني بأن العلم الشرعي يجب أن يكون السائد على جميع العلوم الانسانية لأنه يرى أن تلك العلوم الانسانية والعلمية تقود للزندقة وتبعد الفرد عن الشرع.. لم أعره إهتمام ودار نقاش حاد بيني وبينه وأمام عدد من زملاء العمل حينها.. كان ذاك الشخص شبه يومي وبعد صلاة الظهر يحدثنا من احد الكتب الدعوية ولمدة نصف ساعة درس شرعي من ساعات الدوام.. وقت العمل فيمكن أن يعوض حسب قوله.

قد نختلف في جزئيات معينة مع فنان العرب ولكنه يبقى أيقونة من ايقونات الفنانين السعوديين والعرب وله دور في نشر الموسيقى والشعر السعودي على مستوى العالم.

 ولقد أصاب كبد الحقيقة وقال كلمة حق قلما أحد ذكرها من الفنانين العرب وفي حديثه عمق لايدركه السطحيين وأعتقد أن التيار المتطرف حينما سمع المقابلة تلك سعى إلى تاجيج العامة كعادته وأشعل حماسهم باسم الدين وكما فعل قبل مايزيد عن نصف قرن (للمعلومية أنهم مستمرين فالخلايا النائمة وعلى مستوى العالم لا زالت موجودة وترسبات أفكارهم في عمق عقيدة اتباعهم).

وهنا أخي القارئ أحب أن أذكرك بأن الاساسيات في الارهاب الاسلامي الذي عانى منه العالم بدأت من التعنت والتشدد والغلو والتزمت وهذا قاد للتطرف (سهام البدع -التضليل) وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.. وأدخال المخالف لرائيهم النار- وفقه الولاء والبراء وباب سد الذرايع والفرقة الناجية من النار.. الخ ) حتى وصلوا في مرحلة متقدمة للتكفير.. مثال بسيط (الاخوان وجماعة التكفير والهجرة في مصر – الجماعة السلفية الجهادية في الجزائر، الجماعة السرورية في السعودية.. الخ.. وهذه الجماعات ظهرت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي في عالمنا العربي، أما على المستوى الإسلامي ففي الفلبين جماعة ابو سياف وفي أندونيسيا جماعة باعشير.. الخ ) وذلك الفكر المتطرف عامة قاد إلى الإرهاب الإسلامي العالمي الذي عاشه العالم كافة قبل نصف قرن.

أخي القارئ هل تعتقد بأن ذاك الفكر لازال يفكر بنفس الأسلوب القديم؟ مارائ مفتي ودعاة وطلبة علم ذاك التيار حيال نشاط الترفيه والسياحة؟ هل فتواهم وتحريمهم للفنون كافة على المطلق لازالت متواجدة فيما بيننا؟ هل تعتقد أن ذلك التيار موافق على الإنفتاح والتطوير الذي تشهده السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده؟ هذا جزء من عشرات الاسئلة التي لا أعتقد أنهم يستطيعون الإجابة عليها علنا! ممكن تسألونهم.

ثم لماذا لا يخرج مفتي وكبار علمائهم  ووعاظهم في تلك الفترة ( موجودة فتاويهم  وآرائهم موثقة في مصادر المعرفة من كتب وتسجيل صوتي وجوجل ويوتيوب ) ويعترفوا بأنهم كانوا مخطئون في فتاويهم وتفسيراتهم وتأويلاتهم وخطبهم الوعظية في تلك الفترة ويقولوا بصريح العبارة بأنهم كانوا مخطئون بحق المجتمعات المسلمة في العالم وأن تحريمهم وعدم أجازتهم لمظاهر العلوم البشرية والثقافة والفنون وعلوم الحضارة الإنسانية كانت خطأ فادح على نشر الدعوة الإسلامية وعلى روح وقيم الإسلام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى