يكفيني من الدنيا أنك أبي

أ. فاطمة الغربي
عندما أتحدث عن والدي، لا أستطيع أن أفيه حقه بالكلمات أو التعبيرات التي أحتفظ بها له. لقد أوصانا الله عز وجل بآبائنا، وجعل برهم واجبًا، والإحسان إليهم أقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وجعل رضاه مرتبطًا برضاهم.
والدي هو الرجل الأعظم، السند، والصديق في هذه الحياة. هو أمان العائلة ومصدر الأمل فيها. تعلمت منه ما لم أتعلمه في المدارس أو في أكبر الجامعات، ولم أقرأه في أي كتاب. لقد قدم لي الكثير حتى أصبحت ما أنا عليه اليوم، وجعل من اسمه اسمًا لي في المجتمع. كان سببًا في نجاحي، وكان قدوتي.
عندما توفي، جاء اليوم الذي كان من أصعب الأيام في حياتي، يوم لم أتوقعه حتى في أحلامي. رحل والدي ولم يعد. منذ ذلك اليوم، شعرت بالخوف، وواجهت ظلمة الحياة ووحشتها، وأدركت أن وجوده كان مصدر الأمان والسعادة. كُسر ظهري، وفقدت مظلتي التي كانت تحميني من كل سوء. أصبحت وحيدة في مواجهة العالم.
كان والدي ظلي الذي أستظل به من عثرات الحياة، والمرساة التي أستند عليها بفخر. كان شمعتي التي تنير طريقي نحو الأمان. الآن، أملك قلبي، لكنني أفتقد صدرًا يضمني.
من منحني دقات قلبي ونبضاته، كان تاج رأسي وملك روحي، ومصدر حناني. كانت ابتسامتي وفرحتي له طعم مختلف عندما كان بجانبي. كان نعم الأب والمرشد والصديق، وكان كل شيء بالنسبة لي.
فراق الأب هو ألم العمر، وجراح الروح، وحزن القلب، وغصات لا تنتهي. عند وفاته، أدركت أن الحياة قد فقدت بريقها، وأن فقدانه لا يمكن تعويضه أو جبره.
اللهم ارحم من فقدته، ففراقه يؤلمني ولا يُطاق.. واجمعني به في جنتك. اللهم ارحم من رحل عن الدنيا ولم يرحل عن قلبي، ووسع قبره بنعيم لا ينفد.. رحمك الله يا فقيد القلب والمكان.
وأخيراً، أوصيكم بما قاله الشاعر حسين العبدالله:لو أمطرتْ ذهبًا منْ بعدِ ما ذهبا
لا شيء يعدلُ في هذا الوجودِ أبا
لو أمطرتْ ذهباً منْ بعدِ ما ذهبا
مازلتُ في حِجرِهِ طفلاً يُلاعبني
تزدادُ بَسمتُهُ لي كلما تَعِبا
لم يَحنِ ظهرَ أبي ما كانَ يَحمِلُهُ
لكنْ ليحملني منْ أجليَ انحدبا
وكنتُ أحجبُ عن نفسي مطالبها
فكانَ يكشفُ عما أشتهي الحُجُبا
أغفو وأمنيتي سرٌّ ينامُ معي
أصحو، وإذ بأبي ما رُمتُ قد جَلبا
كفاهُ غيمٌ وما غيمٌ ككفِّ أبي
لم أطلبِ الغيثَ إلا منهما انسكبا
ياليتني الأرضُ تمشي فوقها فأرى
من تحتِ نعلكَ أني أبلغُ الشُهبا
مهما كتبتُ بهِ شعراً فإنَّ أبي في
القدرِ فوقَ الذي في الشعرِ قد كُتبا
يامنْ لديكَ أبٌ أهملتَ طاعتهُ
لا تنتظر طاعةً إنْ صِرتَ أنتَ أبا
فالبرُّ قرضٌ إذا أقرضتهُ لأبٍ
يُوفيكَهُ ولدٌ والبرُّ ما ذهبا
لا تنتظر موتهُ، صِلْ في الحياةِ أباً
لا ينفعُ الدمعُ فوقَ القبرِ إنْ سُكِبا
مقال رائع من كاتبه متميزه.
ابدعتي في كتابتك وفي وصفك له. بعبارات رائعه تستحق القراءة
غفر الله والدك. و رحمه ربي واجمعنا الله به وبكم في اعالي الجنان.
الوالد كنز من كنوز الحياه فهو الامان وهو التعليم و هو السد و الحصانه الحياتيه.
وهو الروح وهو مصدر القوة.
كلام مؤثر من قلم مؤثر عن شخص دوره اساسي ومؤثر في بناء التكوين الانساني للبشرية وهو الاب العظيم بمكانته الاجتماعية والاسرية عظيم في شأنه الاسري بين ابنائه وزوجه وفقدانه يمثل الم تعيشه اسرته في ايامها والذي لخصته الكاتبة المبدعة الاستاذة فاطمة الغربي والذي ليس غريب عليها فقد لخصت الحديث عن الاب بسرد علاقتها مع والدها رحمه الله وماله من مكانه واثر في مراحل حياتها الاسرية والاجتماعية والدراسية
سلمت استاذة فاطمة فارسة الحرف والكلمة وسلمت يمناك
رحم الله والدك أستاذة فاطمة الحقيقة وصفتي والدك بما يستحق رحمه الله تعالى جميل جدا أن يتحدث الشخص منا عن والديه بعد مماتهما كتب الله أجرك ورفع قدرك وجبر خاطرك كلمات جميلة تستحق القراءة حتى نهاية أخر سطر بوركت الأقلام وبوركت الثقافة.