أرقص …!

فاطمة بنت عبدالله الدوسري
..
بطبيعتي أحب الأطفال لأنهم رمز البراءة، ولا تخضع تصرفاتهم لإرادة أحد، إلا في حدود ضيقة جدًا، فالبراءة والتلقائية هي أيقونة الأطفال الأصلية.
من متابعتي لأحد مقاطع طفلة “مشهورة” كما يطلق عليها، سألها المذيع: كيف أصبح مشهورًا مثلك؟
أجابته بكل براءة “أرقص”، نطقت الكلمة بتلقائية مدهشة دون تلعثم، فهي ترى أنها لفتت أنظار العالم من حولها لمجرد أنها ترقص!
لن أدخل في نظريات التربية، أو على فلسفة تأثر نفسية الطفل عندما يتعرض لعالم الشهرة لمجرد أنه يرقص.
فالرقص الآن أصبح البوابة الأكثر اتساعًا لعالم الشهرة والمال، مفتوحة على فضاءات مختلفة، خلع أمامها مرتاديها ثوب الدين والحياء، وتخلوا عن القيم والمبادئ، لمجرد أن كل شيء أصبح “عادي” هكذا يبررون.
حتى وصلوا إلى مراحل متعدية من عتبات الفساد الأخلاقي، وأصبح ناديهم يتسع، بمباركة الأسر وتشجيعها، “فعند الفلوس تعمى العقول” بل تُشل، نسأل الله السلامة وندعو لهم بالهداية.
لماذا الرقص؟ لأن النفوس تستهويه أكثر، ويفضله أكثر التافهين لعرض تفاصيل حياتهم اليومية، ولأن الرقص يثير الضحك، الإعجاب، السرور، وأشياء أخرى لا يمكن رصدها ظاهريًا.
الرقص في مجمله ثقافة لها عمق وجذور، بعمق تاريخ الإنسان وأصالته وارتباطه بالمكان، وامجاد تُروى، يفتخر بها.
إلا عندما يتجاوز حدود المباح، يجب أن نضع نقطة في نهاية السطر.
تعود بي الذاكرة إلى حادثة للرقص، تم توثيقها في عام ١٥١٨م كانت مدينة “ستراسبورغ” مسرح لها، عندما ظلت امرأة ترقص لأكثر من أربعة أيام متواصلة، انضم لها بعد أسبوع أربعة وثلاثون شخصًا، وزاد العدد خلال شهر حتى أصبح أربعمائة راقص، مات بعضهم في نهاية المطاف من السكتة الدماغية والنوبات القلبية والإرهاق، مما استدعى نبلاء المدينة للبحث عن علاج.
مسك الختام؛ هل وصلت الحال لدينا في الداخل، إلى ندب نبلائنا لإيجاد علاج؟ عندما نرى الأب يصفق لابنته لتستعرض مفاتنها، وتتبرج لكي ترقص، هل اختلت موازين القوامة؟
وعندما نرى الأم تدعو بناتها للتركيز على مناطق جسدية معينة بكل صفاقة، لزيادة عدد المتابعين البلهاء، هل فقدنا مقومات التربية؟
وهل …؟ وهل …؟
ولا زالت كلمات تلك الطفلة تعيدني لبداية السطر الأول وهي تقول: “عندما أكبر سوف أصبح كذا وكذا وأترك الرقص”
لكن هل تستطيع؟ بعد أن نحت داخلها محتوى لا يعلم سوى الله مدى سلامتها منه.
.
ومضة:
ثمة خسارات كثيرة في الحياة، نستطيع تعويضها، إلا خسارة النفس والقيم.
مقالة لامست الجرح بصدق.
نحن في زمن بيعت به القيم والأخلاق وحتى العادات الجميلة بثمن بخس.
وكلما أمعنت في الانحلال كلما زاد متابعوك وبالتالي زادرصيدك المادي.
شكرا أ/فاطمة علىىجمالية الطرح
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا .
للاسف يابنت الريف إننا في زمن الرويبضة وزمن الفتن ما ظهر منها وما بطن .
الله يحفظ بلادنا وابناؤنا وبناتنا وجميع أبناء وبنات المسلمين .