مقالات

التوتر والقلق والأزمات: ماهيتها وبداياتها وأعراضها ومسبباتها 2-4

Listen to this article

 

الباحث الأمني – لواء م/ طلال محمد ملائكة

قبل أن نكمل حديثنا في المقال رقم (1) بعنوان: “التوتر والأزمات والصحة النفسية”،
أود أن أشير إلى ما نسيت إضافته في ذلك المقال، وهو أن من أسباب التوتر والقلق والاعتلال النفسي والصحي:

١١- التشدد والغلو والتطرف في معتقداتك الدينية أو السياسية أو في غيرها من شؤون الحياة وآرائك الشخصية، وتعنتك حيالها، واعتقادك بأنك على حق وغيرك مخطئ ولا يفهم.
ثم تتفاجأ بعد زمن بأنك كنت مخطئًا، وتتغير وتُجدد النظريات التي كنت تتمسك بها وتخاصم البعض عليها.

١٢- إدمان الجوال ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي.
أطفال في سن ١٠ سنوات حتى كبار في سن ٧٠ من الجنسين يُعدّون مدمنين، فحينما تقضي أكثر من ٥ ساعات يوميًا على هذه الوسائل، فأنت مدمن.

١٣- الانفتاح ومظاهره التي انتشرت في المجتمع، والاختلاط، حيث أصيب البعض من مختلف الأطياف والطبقات بصدمة نفسية.

وأخيرًا (وليس ١٤ آخرًا): الضيقة المالية، فهي من مسببات القلق والتوتر.
مع ملاحظة أن كل حالة مما ذُكر تحتاج إلى معالجة خاصة بحسب طبيعة الحالة نفسها.


لِنُكمل المقال:

من المهم أن أشير إلى أن الله سبحانه وتعالى قال:
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾،
فالله خلق مادة (هرمون) في الدماغ، وهذه الآلة المعقدة – الدماغ – تتكون من مزيج من:
الماء، البروتين، الدهون، الفيتامينات، والكوليسترول،
ويحتوي على نحو ٨٦ مليار خلية عصبية، وأكثر من تريليون نقطة اشتباك عصبي، وهو العضو الأكثر تعقيدًا في العالم.

ما هو هذا الهرمون؟

الهرمون يُسمّى كورتيزول، وهو مادة طبيعية مثبتة علميًا.
(ما هو الكورتيزون؟) هو هرمون يُسمى أيضًا الكورتيزول، تفرزه الغدة الكظرية الواقعة فوق الكليتين،
ويساعد الجسم على التعامل مع الضغط والتوتر، سواء كان نفسيًا أو جسديًا.


 طريقة إفرازه:

  1. يبدأ من الدماغ (الوطاء)، الذي يفرز هرمونًا يُحفّز الغدة النخامية.
  2. تقوم الغدة النخامية بإفراز هرمون ACTH.
  3. يصل هذا الهرمون إلى الغدة الكظرية، فيحفزها على إفراز الكورتيزول في مجرى الدم.

 تأثيره على أجهزة الجسم:

  1. الدماغ: يعزز التركيز ويساعد في التعامل مع التوتر.
  2. القلب والأوعية الدموية: يرفع ضغط الدم عند الحاجة.
  3. الجهاز الهضمي: يزيد مستوى السكر في الدم لتوفير طاقة سريعة.
  4. العضلات: يساعدها على الاستجابة السريعة في حالات الطوارئ.
  5. جهاز المناعة: يُقلّل من الالتهابات، لذلك يُستخدم الكورتيزول دوائيًا لعلاجها.

 متى يزيد أو يقل؟

  • يزيد: في الصباح، وفي حالات التوتر والضغط.
  • يقل: في الليل، عند الراحة والنوم.

هذه المادة (الكورتيزول) يُطلقها الدماغ عندما يتعرض الإنسان أو الحيوان لضغوط أو أزمات،
فتنتقل إلى جميع أعضاء الجسم، لإبقائه في حالة تيقظ واستعداد لمواجهة الموقف.
ثم تتوقف هذه المادة عندما يتلقى الدماغ إشارة بالاكتفاء.

لكن الأشخاص المتوترين لا يستطيعون إيقاف إفراز هذا الهرمون،
فيبقون في توتر دائم، مما يجعلهم عرضة للغضب والانفجار في أي لحظة.

أما الأشخاص الأصحاء نفسيًا، والذين يمتلكون خبرة أو علمًا في التعامل مع المواقف،
فتتوقف لديهم هذه المادة في الوقت المناسب، فيبدأون بالتعامل مع الموقف بهدوء أعصاب واتزان.

 السر في هؤلاء هو “التكيف الداخلي”:

بدأ البحث العلمي في التكيف الداخلي من قبل عالم فرنسي عام 1981م،
ويساعد على نجاح هذا التكيف ما يُسمى بـ “التكيف الذاتي”، وهو يرجع إلى المصاب نفسه.

ملاحظة:
يرى معظم علماء التكيف الداخلي أن على الحكومات والمجتمع واجبًا في إيجاد بيئة تمكّن الأفراد من البقاء أصحاء نفسيًا.
وقد احتفى الرئيس ماكرون في فرنسا العام الماضي ببرنامج “الألف يوم الأولى للأطفال”،
والذي يندرج ضمن المبادئ المذكورة أعلاه.


حفظكم الله، وأبعد عنكم شرور النفس وقلقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى