مقالات

لعلاقات المحرّمة.. الخيانة الزوجية (ج1)

Listen to this article

الباحث الأمني اللواء م / طلال ملائكة

 الخيانة الزوجية:هي كل علاقة حميمة أو جنسية محرّمة تتم خارج إطار عقد الزواج، ويُقدم عليها شخص متزوج مع طرف آخر دون علم الزوج أو الزوجة، أو بعلم أحدهما. وقد ورد التحذير من الخيانة في النصوص الشرعية، وهي في أصلها محرّمة دينًا وشرعًا، وقد تقع مع أحد الأقارب، أو معارف قدامى، أو في محيط العمل، أو حتى من العمالة المنزلية، ذكرًا كان أو أنثى، وغير ذلك.

أسباب الخيانة الزوجية:

  1. غياب التقدير والاحترام المتبادل بين الزوجين، وعدم إدراك حقيقة الزواج وما يقوم عليه من مودة ورحمة، كما جاء في قوله تعالى: ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً..)، وما تحمله هذه الآية من عمق روحي ومعنوي.. وقد يؤدي عدم فهم أحد الطرفين، أو كليهما، لهذا البعد إلى تفريغ العلاقة من مضمونها الإنساني.

  2. عدم التكافؤ الاجتماعي أو العلمي أو الثقافي أو المادي بين الزوجين، مما قد يدفع أحدهما إلى الاستعلاء على الآخر، وتركه على هامش الحياة الزوجية. وينتج عن ذلك شعور بالإهمال العاطفي لدى الطرف الأضعف، وقد يقع ضحية لاستغلال أشخاص ضعاف النفوس من حوله، إلا من رحمهم الله. وتتفاوت النتائج بحسب التربية والقيم الدينية والإنسانية للطرف المتضرر.

  3. غياب الوضوح والشفافية منذ بداية الارتباط حول الحقوق والواجبات، وتنظيم شؤون الحياة الأسرية من مسؤوليات منزلية ورعاية للأبناء وإدارة للشؤون المالية وآلية حل الخلافات الزوجية. ومع ترك هذه الجوانب دون اتفاق واضح، تتراكم المشكلات وقد تصل إلى القطيعة العاطفية والعيش الصامت تحت سقف واحد، مما يُعد بيئة خصبة للخيانة.

  4. انشغال أحد الطرفين المفرط بحياته العملية أو اهتماماته الخاصة، سواء بقصد أو بأنه نوع من الأنانية، مع الاكتفاء فقط بالجانب المادي أو أداء الواجبات الأساسية، وترك الطرف الآخر في فراغ عاطفي يفتقد السكينة والحنان. في حين أن الأزواج السعداء يتبادلون الدعاء والمحبة الصادقة، لا المجاملة الزائفة أو النفاق العاطفي.

  5. تعدد الزوجات دون تحقيق العدل الحقيقي الذي أمر به الله، وهو عدل شامل في المعاملة والمشاعر والحقوق. ويُساء أحيانًا فهم عمق قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ )، حيث يتم التعامل مع النص بسطحية دون النظر إلى التغيرات الاجتماعية والثقافية في عصرنا الحاضر.

  6. الاختلاط غير المنضبط في بيئات العمل والحياة العامة، والتساهل في مفاهيم الحياء والآداب والقيم الأخلاقية، مما قد يقود إلى الانزلاق والانحراف السلوكي. وقد أصدرت المملكة نظام مكافحة جريمة التحرش بالمرسوم الملكي رقم (م/96) بتاريخ 5/2/1439هـ، ويشمل التحرش في أماكن العمل والأماكن العامة. كما أن استغلال المدير أو المديرة للنفوذ الوظيفي في التحرش يُعد جريمة إضافية تندرج تحت مسمى الفساد الإداري واستغلال السلطة، وتصل عقوبتها إلى السجن من سنة إلى خمس سنوات.

  7. السفر غير المبرر بحجة التغيير والترفيه، خاصة إلى دول تتساهل مع الانحرافات السلوكية، أو ارتياد أماكن ذات سمعة سيئة، سواء بشكل فردي أو جماعي، مما قد يؤدي إلى فقدان الانضباط والانجرار إلى ممارسات محرّمة، في ظل وجود شبكات تستغل هذه الظروف. وكذلك الابتعاد لفترات طويلة بداعي العمل وترك الطرف الآخر في فراغ عاطفي قد يقود، لا قدر الله، إلى الانحراف والخيانة.

  8. التنشئة في بيئة أسرية أو اجتماعية تفتقر للقيم الدينية والإنسانية السليمة، مما يؤدي إلى تطبيع الخيانة والسلوكيات المنحرفة في المستقبل.

  9. الانغماس في مشاهدة المواد الإباحية والمقاطع المنحلة عبر وسائل التواصل المختلفة، مما يضعف الحصانة الأخلاقية لدى الزوج أو الزوجين ويدفع نحو الانحراف.

  10. ضعف الوازع الديني والقيم الإنسانية وغياب الضمير الحي الذي يردع النفس عن اتباع هواها وانقيادها للهوى المحرم.

هذا ملخص موجز لأسباب ما يُعرف بالخيانة الزوجية، دون التوسع في قضايا أخرى كالإدمان أو الاضطرابات النفسية وغيرها. ويُلاحظ أن عدة أسباب قد تتداخل لتؤدي إلى هذه الجريمة الأخلاقية. وفي حال الرغبة في العلاج قبل تفاقم الأمور، فإن اللجوء إلى مستشارين مختصين في شؤون الأسرة والعلاقات الزوجية يُعد خطوة ضرورية، حيث يستطيعون دراسة تاريخ الطرفين وتحديد أسباب الخلل، واقتراح الحلول الممكنة. وقد تصل توصياتهم، في بعض الحالات، إلى عدم جدوى الاستمرار والانفصال.

في المقال القادم (الخيانة الزوجية – ج2) سنتناول الآثار النفسية الخطيرة التي تطال الطرفين، الجاني والضحية على حد سواء.

حفظكم الله ووقاكم من شرور النفس، وحفظ وطننا وقيادته ومجتمعنا من كل سوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى