مكارم الأخلاق في المنهج الإسلامي

غمبص الظهيري
الصدق في الحديث واحترام العهود والوفاء بالعقود واجتناب الظلم والعدوان من أَعظم القيم التي أمر بها ديننا ويحثنا على الإلتزام بها.
وقد اوصانا الله وامرنا أن نكون مع الصادقين في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ سورة التوبة – آية 119.
ولا تقل اهمية الصدق في الحديث والمعاملة الحسنة عن العهود والوفاء بها فالعهد مسؤولية كبرى على الإنسان كما قال عز وجل ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ سورة الإسراء – آية 34.
ومن كمال ديننا الحنيف فان الله اتم علينا الدين كله وجعلنا على المحجة البيضاء كما قال الرسول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ” تَرَكْتُكُمْ عَلَى المَحجّةُ الْبَيْضَاءِ ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا إِلاَّ هَالِكٌ”.
فالعقود التي يتعاقد بها الناس لضمان الحقوق فقد اوصانا الله بالوفاء بها حيث قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ سورة المائدة: 1.
ولا يحل لمسلم اكل حق أخيه بالباطل و ظلمه فالظلم هو البغي في الارض و اخذ حقوق الناس بالباطل بغير حق و ذلك محرم في الدين الحنيف وقد توعد الله الظالمين بعذاب اليم . فقد قال تعالى ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ سورة الشورى – آية 42.
ومن جوانب الحياة التعدي على الاخرين بالقوة والجبروت وذلك منبوذ في الدين الاسلامي ولا يحبه الله ويكرهه .
كما قال تعالى ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ سورة البقرة – آية 190.
وهذه الأخلاق الحميدة والسجايا الكريمة هي خلق المسلم مع المسلم ومع الكافر فكما لا يجوز ظلم المسلم ولا العدوان عليه ولا الغدر به ولا نكث عهده فكذلك الحال مع الكافر الذي دخل بلاد المسلمين بعد أَن أُعطي الأمان على نفسه وعرضه وماله بأن لا يعتدي عليه أحد ولا يبغي عليه أحد ولا يؤذيه أحد ولا يضره أحد بغير وجه حق.
بلادنا تستقبل كل عام ملايين البشر من طُلاب الدين والدنيا والحمد لله على فضله وإنعامه منهم المسلم والكافر أَما المسلم فبيننا وبينه أُخوة الإسلامِ ومودته وأَما الكافر وإن كنا نبرأ إلى الله منه ومن كفره إلا أَننا نتعامل معه بالبر والإحسان وبالقسط العدل
كما قال تعالى ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ سورة الممتحنة آية 8.
ومن حكمة هذا التعامل أن يتعرفوا على حسن الإسلام وكماله وجماله وموافقته للفطرة السليمة والعقول الرشيدة فقد يكون سبباً لدخول الكافر في الإسلام فيهتدي في الدنيا ويسعد في الآخرة وكم من أُمم وشعوب دخلت في الإسلام لـما رأَت حسن تعامل أَهله.
التعامل مع المستأمنين فمن الناس من يغلو ويتجاوز الحد مع الذين يدخلون بلادنا بقصد التجارة أو السياحة أو غيرهما من المقاصد المباحة فيتعرضون لبعض الأذى أو الضرر الذي يتنافى مع المنهج الإسلامي
قال ﷺ : «مَنْ قتلَ مُعَاهِداً في غير كُنْهِهِ حَرَّم الله عليهِ الجنةَ”» رواه أبو داود وقال ﷺ «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»
ومن الناس من يعصي الله تعالى في تعامله معهم من جهة الكذب والتحايل والغش بقصد التكسب والربح وقد قال ﷺ “من غشَّنا فليس منا فدل على حرمة الغش كله سواء مع المسلم أو مع الكافر.
ومن الناس من يتجاوز في التعامل معهم حدود الأخلاق الجميلة والعادات الحميدة بل يتجاوز حتى حدود العقيدة وهذا ليس من التسامح ولا الوسطية في شيء. فالتسامح الحق الوسطي هو التعامل معهم بالبر والإحسان والعدل كما أمر الله مع الحفاظ على تمسك المسلم بعقيدته وخلقه دون المساس بأنظمة الوطن وأمنه وسمعته.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ، فإن ذهبت أخلاقهم هم ذهبوا ، مقال ولا أروع من رجل المكارم والأخلاق الاستاذ غميص ، فبارك الله فيه وحفظه ورعاه ..