فن الانسحاب حين تكون الهدنة بطولة

أ. سهام ورقنجي
في عالم يمجد الإنجاز ويصفق للسرعة يصبح التوقف فعلا جريئا والهدوء مقاومة راقية.
نتعلم باكرا أن نحارب أن نطارد أن نثابر -بلا هوادة- في الخير وللخير.
لكن أحدا لا يعلمنا متى نرتح ومتى نضع السيف جانبا دون شعور بالهزيمة.
الهدنة ليست هروبا بل وعي ناضج.. الوقوف لبرهة في منتصف الطريق لا يعني أننا تراجعنا بل قد يكون أعظم قرارا نتخذه لحماية ما تبقى فينا من سلام.
ففي زمن التوقعات الضاغطة والأحلام المؤجلة والقلوب المثقوبة نحتاج إلى فسحة صغيرة نلملم فيها شتات أرواحنا.
إن تغلق بابك على العالم لا يعن أنك أناني بل يعني أنك تحب نفسك كفاية لتحميها.
إننا لا نخسر الحياة حين نبتعد قليلا بل نمنحها فرصة لتعود إلينا أكثر نقاء.
حين نصمت نسمع.. حين نتوقف نرى.. وحين نهدأ ندرك أن كثيرا مما نطارده لا يستحق أن ينهكنا.
بعض المعارك ليست مع الآخرين بل مع الداخل المنهك الذي يريد لحظة تنفس.
وهنا يصبح“ الانسحاب الجميل ”فنا لا يتقنه إلا أولئك الذين اكتشفوا أن القوة لا تعني الصراخ، بل في أحيان كثيرة تعني الصمت.. أن تصافح الحياة دون قتال وتقول لها:“ أنا أراك بكل ما فيك وسأحبك كما أنت لا كما أريدك أن تكوني.
في الهدنة تتشكل بداياتنا الجديدة.. بلا ضجيج بلا إعلان نصر بلا دموع خسارة.
فقط نحن ونسخة أكثر هدوءا وصدقا من ذواتنا تخرج من العاصفة بابتسامة سلام لا بندوب حرب.