مقالات

العلاقات المحرّمة – الخيانة الزوجية (ج 2)

Listen to this article

لباحث الأمني لواء م /طلال ملائكة

نتناول اليوم التأثير النفسي على الأطراف المشاركة في الخيانة، سواء على الزوج أو الزوجة، وعلى الأسرة، وعلى العائلة، وعلى المجتمع.

غالبًا حينما تحدث الخيانة الزوجية من أحد الزوجين «المجرم»، يستشعر ويحس الطرف «البريء» بأن شيئًا ما يحدث، وقد يكون هذا الإحساس مرتبطًا بتغيّر سلوك الطرف الآخر، أو باكتشاف أدلة أو قرائن تدل على وجود خيانة. وقد أثبتت الدراسات الإكلينيكية النفسية أن الخيانة بدرجاتها الثلاث الإجرامية، في معظم الأحيان تُكتشف، فالقاعدة العدلية الجنائية تقول: «لا توجد جريمة كاملة»، ومهما طال الزمن ستُكتشف جريمة الخيانة، ويتورط «المجرم الخائن» مهما كان مراوغًا وداهية، فلا بد أن يترك أثرًا يمكن تتبّعه وكشفه، أو يورّط نفسه بنفسه.

لاحظوا أنني هنا رفعت حدة اللغة، فقد أشرت إلى وجود مجرم وضحية، والسبب أن الخيانة الزوجية قد تنتج عنها جريمة قتل أو جرائم جنائية، وقد تشمل أطرافًا أخرى خارج إطار الزوجية كالعائلة والأصدقاء والمعارف. (الخيانة [الزنا] شرعًا من الكبائر، وقانونًا جريمة، وكذلك الخيانة المتوسطة والصغرى فجميعها جرائم). والكاتب هنا لا يبرر القتل، ولكن هذا حدث سابقًا وسيتكرر، والأجهزة الشرطية في العالم لديها وقائع مثبتة في ذلك بالآلاف.

ومن المعلوم أن الخيانة الزوجية تحمل آثارًا نفسية سلبية عميقة على الأفراد المتورطين في القضية، على الخائن المجرم وعلى الضحايا، وهنا بعض الآثار:

1- الشعور بالذنب:
(الخائن) غالبًا ما يعاني من شعور قوي بالذنب (هذا إذا كان في قلبه ذرة من الإيمان ويخاف من الله وعقابه في الدنيا والآخرة)، ويقلق ويخاف من الفضيحة، مما يؤدي إلى ضغط نفسي وإجهاد مستمر يظهر في ملامح وجهه.
أما (الضحية) فقد تشعر بالذنب، وأنها مقصّرة في علاقات حياتها الزوجية.

2- القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والاعتلال الجسدي للبعض:
الخيانة قد تسبب مشاعر اكتئاب، ويشعر (الخائن) بالذعر من اكتشاف أمره أو فقدان الشريك والأطفال. ويمكن توصيف فعل الخيانة بالمرض النفسي، وهذا المرض يؤثر على دماغ الخائن ويجعله شخصًا غير متزن في شخصيته وسلوكه.
وكذلك الأمر بالنسبة (للضحية)، فقد تُصاب بالاعتلال النفسي والجسدي، ويُقصد بذلك الوهن والضعف وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، وتشعر بعدم الأمان.

3- الشك وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين:
يشعر الخائنون، وإن أبدوا مظهريًا ثقة بأنفسهم، أنهم داخليًا يعانون من عدم القيمة والشك في أنفسهم وفي الآخرين، مما يؤثر على نجاحهم في أعمالهم وعلاقاتهم العامة والشخصية والمستقبلية، وكذلك الحال بالنسبة (للضحية).

4- تنمية الأنانية:
يُلاحظ على الخائن تحوّل في سلوكياته، حيث يصبح أكثر أنانية ويميل إلى اتخاذ قرارات تركز على احتياجاته الشخصية دون مراعاة للشريك. وكذلك الحال بالنسبة لبعض الضحايا، فقد يتعايشون مع الخيانة ويقررون أن يعيش كل طرف في حاله، ويهتمون بأنفسهم فقط، وقد يمارسون هم أنفسهم الخيانة.
ملاحظة: لا يوجد إنسان محترم يرضى بالخيانة والعيش مع إنسان خائن، للأسباب المختلفة المشار إليها أعلاه وأدناه.

5- الأثر على العلاقات:
يمكن أن تؤدي الخيانة إلى فقدان الثقة في العلاقات اللاحقة، ليس فقط بين الزوجين، بل أيضًا في الصداقات والعلاقات الاجتماعية الأخرى.

6- صراعات داخلية:
قد يواجه الفرد صراعات داخلية مستمرة حول ما إذا كان يجب الاستمرار في العلاقة أم إنهاؤها، مما يزيد من عدم الاستقرار النفسي.


ملاحظة مهمة:
الطرف الضحية يتأثر تأثرًا شديدًا نفسيًا، ويشعر بالألم العميق والحزن، وقد يصبح مريضًا نفسيًا. ففي البدايات يُصاب بالذهول والصمت الاختياري حتى مع أقرب الناس إليه، وتسوَدّ الدنيا في نظره.
(لذا يجب مراعاة ذلك أثناء البحث عن الحلول والعلاج).

التعامل مع هذه الآثار يتطلب الوعي والبحث عن الدعم النفسي العلاجي، سواء من الأصدقاء العقلاء الحكماء أصحاب الخبرة الحياتية الطويلة، أو من المتخصصين علميًا ومهنيًا في علاج العلاقات الزوجية.. وأنصح بالعلاج الإكلينيكي للطرفين حتى لو تم حل الخلاف بينهما، كما يجب على الخائن التوبة النصوح، وإصلاح حاله وسلوكه ونفسه.

التأثيرات السلبية على الأسرة والعائلة:

إذا لم تتم المعالجة، فقد تتدمر الأسرة بالكامل، بما فيهم الأبناء والبنات، ونفقد خلية من خلايا المجتمع، وكذلك تتضرر العلاقات العائلية للطرفين (الأرحام)، وتشوبها الخلافات والمقاطعة والشجارات، وفي بعض الحالات وقعت جرائم وجنايات تُسمّى بجرائم العار.

التأثيرات السلبية الاجتماعية:

قبل أن نبدأ بالحديث هنا، نود الإشارة إلى أن الأفراد الجهلة والمجتمعات المتخلفة تنظر إلى أن الرجل لا يعيبه شيء إن ارتكب جريمة الخيانة الزوجية، وهذا قصور في النظر وقلة إدراك.

يحكم المجتمع القويم على الخائنين بالعزلة ووصمة العار، مما يؤثر على حياتهم الاجتماعية والعملية والشخصية. وغالبًا ما يكرر الخائن خيانته، وبالتالي لا يُنصح بتزويجه أو الارتباط به، وإذا تزوج ففي الغالب تشوب حياته الشكوك وعدم الثقة، مما يجعل حياته صعبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى